بِهِ شَيْئاً) اعراب أجزاء الآية انّ ما فيما حرّم مصدريّة أو موصوفة أو موصولة أو استفهاميّة وعليكم ظرف متعلّق بحرّم أو باتل أو بهما أو ابتداء كلام ، وان في ان لا تشركوا مصدريّة ولا نافية أو ناهية والنّهى أوفق بما يأتى من عطف الأمر عليه ، وهو امّا بتقدير اللّام أو خبر مبتدء محذوف اى المتلوّ أو المحرّم ان لا تشركوا وإذا قدّر المحرّم مبتدء كان لا زائدة أو هو مفعول فعل محذوف ، اى اعنى ان لا تشركوا أو عليكم خبر مقدّم وان لا تشركوا مبتدأ ، أو عليكم اسم فعل والّا تشركوا منصوب به ، أو ان لا تشركوا مفعول اتل على ان يكون ما في ما حرّم مصدريّة أو هو بدل ممّا وإبداله ممّا باعتبار حرمة الإشراك ، أو يكون لا زائدة أو لفظة ان تفسيريّة والجملة تفسير لاتل أو لحرّم وتفسيره لحرّم باعتبار الإشراك ، أو ان لا تشركوا مفعول لوصاكم الله وهذا أوفق بقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وعلى الوجوه السّابقة فالتّقدير أحسنوا بالوالدين وللاهتمام بالوالدين أسقط الفعل إيهاما لعطفه على الجارّ والمجرور ليتوهّم انّ المعنى ان لا تشركوا بالوالدين إحسانا ، وأتى بالمصدر للاشعار بانّ المقدّر أحسنوا وأتى به موضع لا تسيئوا فانّه الموافق لسابقه ولاحقه للدّلالة على الاهتمام بالإحسان إليهما وعدم الاكتفاء بترك الاساءة ، والوالدان اعمّ من الصّورىّ والرّوحانىّ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) بالوءد وغيره (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) فلا تخشوا الفقر (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) ما استقبحه العقل واستكرهه الشّرع (ما ظَهَرَ مِنْها) كالّتى شاعت وصارت سيرة بينكم ، كنكاح زوجة الأب وعبادة الأصنام وغيرها من السّنن الرّذيلة الّتى لا يرتضيها العقل ولم ـ تثبت في شريعة الهيّة ، والنّهى عن القرب مبالغة في النّهى عن الفعل (وَما بَطَنَ) كالزّنا وكلّ ما لم يصر شائعا وسيرة بينكم من المستقبحات العقليّة والشّرعيّة أو المراد بما ظهر قبحه كالزّنا واللّواط لا ما ظهر ذاته كنكاح زوجة الأب وبما بطن ما بطن قبحه كنكاح زوجة الأب ، أو المراد بما ظهر ما ظهر منها على الأعضاء وبما بطن ما بطن في النّفوس كالرّذائل النّفسانيّة والخطرات السّيّئة والخيالات الفاسدة والعقائد الكاذبة ، أو المراد بالفواحش الزّنا فقط أو اعمّ منه وممّا كان مثله في القبح في الانظار كاللّواط وهذا أوفق بترتيب المعاصي كما لا يخفى على من تأمّل في الفقرات الثّلاث ، ولذا ورد تفسيرها في الاخبار بالزّنا ومثله ، اعلم ، انّ ظلم الإنسان وعصيانه امّا ظلم لنفسه أو ظلم لغيره ، وظلم الغير امّا مسر الى ذات الغير أو الى ماله ، وأعظم مراتب ظلم النّفس الزّنا ، وأعظم مراتب ظلم ذات الغير إزهاق روحه ، وأعظم مراتب ظلم مال الغير أخذ مال اليتيم عدوانا ، وبالفقرات الثّلاث المصدّرة بأداة النّهى أشار تعالى شأنه الى هذه الثّلاثة (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) ذكر خاصّ بعد العامّ للاهتمام به كما انّ ما سبق على ذكر الفواحش كان ذكر خاصّ قبل العامّ لذلك بناء على تعميم الفواحش ، وامّا إذا كان الفواحش خاصّة بالزّنا واللّواط كان ذكر قتل الأولاد مقدّما على الكلّ ، وعدم الاكتفاء بذكر قتل النّفس للاهتمام بوأد الأولاد وقتلهم وللتّشديد في حرمته (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) قبحه وسوء عاقبته فتتركونه (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) اى بالنّيّة الّتى هي أحسن وهي نيّة حفظ ماله ونفسه وانما ماله (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) جمع الشّدّ بالفتح كفلس وأفلس أو الشّدّة كالنّعمة والانعم أو مفرد ، وعلى جمعيّته فالمقصود الاشارة الى قوّة جميع قواه البدنيّة والنّفسانيّة وهو البلوغ الشّرعىّ الّذى فيه قوّة قواه البدنيّة والنّفسانيّة بكمال تميزه ودركه الخير والشّرّ البدنيّين والنّفسانيّين