بالضّعف الضّعف في القلوب لا في الأبدان حتّى ينافي كثرتهم (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) جواب لأصحابه (ص) حين سألوه ان لا يقتل الأسرى ويأخذ منهم الفداء والمقصود من الإثخان كثرة القتل من اثخن في العدوّ إذا غلب وأكثر الجرح فيهم (تُرِيدُونَ) بأخذ الفداء (عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) لكم بان يكون جهادكم غير مشوب بالأغراض الدّنيويّة بل خالصا للآخرة (وَاللهُ عَزِيزٌ) غالب لا يخاف من ذلّة نبيّه على فرض أخذ الفداء من الأسرى فهو لاستدراك توهّم خوف الضّعف والمغلوبيّة (حَكِيمٌ) يأمر بالقتل لمصالح يعلمها (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) اى حكم سبق في اللّوح من إباحة الفداء وإعزاز المؤمنين أو ابقاءهم الى أجل موعود حتّى يعزّ دين الله بهم وهو تهديد وردع عن مثل ما فعلوا ببدر في باب أخذ الفداء من الأسرى واصرّوا على ذلك مع انكار الرّسول (ص) حتّى رضوا بقتل عدد الأسرى ومن يأخذون منه الفداء من المؤمنين في عام قابل (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ) من الفدية أو فيما فعلتم من الإصرار على أخذ الفدية (عَذابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا) اى إذا كان سبق كتاب في إباحة الفداء واعزازكم فكلوا (مِمَّا غَنِمْتُمْ) من الفداء فانّه غنيمة أو هو إباحة للغنيمة كأنّهم أمسكوا عنها وتردّدوا في إباحتها اى إذا كان سبق كتاب في إباحة الفداء واعزازكم وإعلاء كلمتكم فلا تتحرّجوا من الغنيمة وكلوا منها (حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ) في السّرف فيها ، أو في الخيانة فيها ، أو في مخالفته (ص) فيها وارضوا فيها بما أعطاكم الرّسول (ص) (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) إذ غفر تجرّيكم على الإصرار في الفدية (رَحِيمٌ) إذ رحمكم بإباحة الغنيمة والفدية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) اسرى بدر أو العبّاس وعقيل بن ابى طالب ونوفل بن الحارث خاصّة كما ورد في الخبر انّ الآية نزلت في العبّاس وعقيل ونوفل وقصّتهم وقصّة غزو بدر مسطورة في الصّافى مبسوطة (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) رغبة وميلا في الايمان (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) من الغنيمة في الغزو ومن الفداء بعد الأسر (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ) فيغفر لكم ما صدر منكم من معاداة الرّسول (ص) (رَحِيمٌ) فيؤتيكم خيرا ممّا أخذ منكم فحقّ العبارة ان يقول يغفر لكم ويؤتكم خيرا فانّ المغفرة وهي ستر المساوى مقدّمة على الرّحمة والانعام لكن لمّا كان المقام مقام الاهتمام بإتيان العوض لما فاتهم قدّمه (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) عطف من الله على مقول الرّسول باعتبار المعنى وملاحظة نفس المحكيّ مع قطع النّظر عن كونه حكاية ومثله كثير كأنّه قال : ان يعلم الله في قلوبهم خيرا يؤتهم خيرا ممّا أخذ منهم وان يريدوا خيانتك فلا غرو فيه (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) اى من قبل ارادة خيانتك بمخالفة حكم العقل الّذى هو رسولهم الباطنىّ فأمكن المؤمنين منهم فليحذروا من إمكان المؤمنين ثانيا منهم وقد فسّر هكذا وان يريدوا خيانتك في علىّ (ع) فلا غرو فيه فقد خانوا الله فيك من قبل (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) فلا تحزن لذلك فانّه يمكّن عليّا (ع) وأصحابه منهم (وَاللهُ عَلِيمٌ) بإرادة كلّ مريد (حَكِيمٌ) يدبّر أمرك وامر الخائنين على وفق حكمته (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالايمان العامّ بقبول الدّعوة الظّاهرة والبيعة العامّة (وَهاجَرُوا) من دار الشّرك الى مدينة الرّسول (ص) (وَجاهَدُوا) مع أعداء الرّسول (ص) (بِأَمْوالِهِمْ)