تكرار اسم الاشارة للتمكين وتصويرهم باوصافهم المذكورة ليكون كالعلّة ولاختصاص كلّ من المسندين على حياله (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) جواب لسؤال عن حالهم و (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) من عذّر في الأمر إذا قصّر فيه وكأنّه كان في الأصل بمعنى بالغ في إبداء العذر لأمر قصّر فيه ، أو من اعتذر إذا بالغ في إبداء العذر ولم يكن المبالغة في إبداء العذر الّا لأمر يتراءى التّقصير فيه وقرء المعذّرون من باب الأفعال بمعنى المعذّرون من باب التّفعيل (مِنَ الْأَعْرابِ) الاعراب الّذين لا يسكنون العمران ويعيشون في البادية جمع لا واحد له كما قيل ، أو جمع للعرب خصّص ببعض افراده والعرب بالضّمّ وبالتّحريك الّذين يسكنون العمران أو هو اعمّ (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) في القعود حيث لا يتفقّهون معنى الايمان وانّه يقتضي التّسليم (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في البيعة الاسلاميّة حيث شرط عليهم ان لا يتخلّفوا قول الرّسول وان يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، فقبلوه ولم يطيعوا الرّسول (ص) بعد في امره ولم يوافقوا المسلمين فيما عليهم (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) لا الّذين بقوا على إسلامهم وتصديق الرّسول (ص) كبعض الاعراب حيث لم يكن استيذانهم وتخلّفهم لانكار الرّسالة بل لعدم تفقّه الغرض من الإسلام وكبعض القاعدين لطلب الرّاحة وعدم تحمّل التّعب لا لانكار الرّسالة (عَذابٌ أَلِيمٌ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) جواب لسؤال اقتضاه السّابق كأنّه قيل : هل على المعذورين حرج في التّخلّف؟ ـ فانّ التّشديد والتّغليظ على المتخلّفين وكثرة ذمّهم يقتضي التّرديد في حال المعذورين والسّؤال عنها (وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) في تخلّفهم عن الغزو (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) خلصوا أو أظهروا خير غيرهم ورغّبوه فيه خالصا مترحّما (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) في موضع التّعليل يعنى انّ المتخلّف لعذر بشرط النّصح مجاهد ومحسن ، وما على المحسنين من سبيل للّوم والّذمّ والعتاب في الدّنيا (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن أساء فكيف بمن أحسن (رَحِيمٌ) فلا سبيل عليهم بالعقوبة في الآخرة (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) حيث يجدون ما ينفقون ويقوون في أبدانهم لكن لا طاقة لهم بالذّهاب معك راجلين ولا قدرة لهم على الحمولة ويسئلونك الحمولة (قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) الدّمع واقع موقع التّميز والتّميز قد يجرّ بمن وقد ينصب ، أو في الكلام قلب والأصل والدّمع يفيض من أعينهم قلب للمبالغة في كثرة الدّمع ، أو من للتّعليل والمعنى على المبالغة كأنّ أعينهم من كثرة الدّمع تذاب وتفيض (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ) بدنا ومالا (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) التّكرار لمطلوبيّة التّطويل والتّأكيد والتّكرير في مقام التّغليظ (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) قد أخذ في مصداق العلم الاشتداد والتّأدية الى علم آخر اخروىّ كما أخذ ذلك في مفهوم الفقه ولذا يثبت وينفى عن موضوع واحد باعتبار مفهومه العرفىّ ومصداقه الحقيقىّ ، فالعلم والفقه مختلفان مفهوما متّحدان مصداقا فهذا أيضا تكرار لما ذكر.