والاخبار ، وذكر الضّحك للاشارة الى ما هم عليه في بقيّة عمرهم ولذا قدّمه وقيّده بالقلّة (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) تداركا لاعمالهم السّيّئة على المعنى الاوّل وعقوبة عليها على المعنى الثّانى ، وقوله بما كانوا امّا متعلّق بجزاء أو بالأمر استقلالا أو على سبيل التّنازع (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) من غزو الرّوم (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) من المتخلّفين بلا عذر بان أبقاهم الله الى زمان رجوعك (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) الى غزو آخر (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) اخبار في معنى النّهى للاشعار بانّ سجيّتهم مقتضية لعدم الخروج (وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى قبل ذلك والمراد القعود عن غزوة تبوك (فَاقْعُدُوا) امر للتّهكّم (مَعَ الْخالِفِينَ) يعنى النّساء والصّبيان فانّكم صرتم مثلهم بتخلّفكم اوّلا فليس لكم شأنيّة الجهاد وقابليّة المعيّة مع المجاهدين (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) فانّ صلوتك سكن لهم وليس لهم استعداد صلوتك والمراد صلوة الأموات أو الاعمّ (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) للدّعاء عليه (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) نقل انّه (ص) عاد عبد الله بن ابىّ واستغفر له وشيّع جنازته وصلّى عليه وقام على قبره ؛ كلّ ذلك باستدعاء ابنه الّذى كان مؤمنا خالصا فأنكر عمر عليه (ص) وقال : أو لم ينهك ربّك عن ذلك؟ ـ وكره ذلك رسول الله (ص) وأجابه بما ظهر منه الكراهة (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) لا (أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) قد مرّ تفسيره ، وتكريره للتّأكيد ، لانّ كثرة الأموال والأولاد في انظار أهل الحسّ معجب لا محالة فالنّهى عنه مطلوب فيه التّأكيد ولانّ التّكرار مطلوب في مقام التّشديد (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) لعذر وهو ذمّ آخر لهم حيث انّهم لدناءتهم وتعلّق قلوبهم بدنياهم وزخارفها كالنّساء يستأذنوك للقعود ولذا قال (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) جمع الخالفة يعنى انّهم لدناءتهم رضوا بان يعدّوا في النّساء ، واستعمال الخوالف في النّساء والمخلّفون في الرّجال لاستعدادهم للخروج وعدم استعدادهنّ له (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) حيث لا يدركون إدراكا يؤدّى بهم الى الأغراض والغايات وان كانوا في غاية الفطانة والمداقّة في أمور الدّنيا والإدراكات الخياليّة بحيث يعدّون في انظار أهل الحسّ علماء حكماء ، والّا فليعلموا الغرض من الجهاد وانّ فيه خير الدّنيا والآخرة ، باستكمال النّفس في الدّنيا بالصّفات الحسنة من الشّجاعة والسّخاوة وعدم الاعتناء بالدّنيا وحيوتها ، وباستجماع الغنائم مع ما وعدوا من أجور الآخرة ، وليس في التّخلّف الّا الاتّصاف بصفات النّساء والرّكون الى الدّنيا وقطع الطّمع عن العقبى ولمّا ذمّ الأموال والأولاد توهّم انّها مذمومة على كلّ حال ، والحال انّ كثرة الأموال والأولاد تكون في المؤمنين ولمّا ذمّ القاعدين عن الجهاد توهّم انّه في المؤمنين يكون من يكره الخروج ويحبّ القعود فاستدرك ذلك بقوله (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) الّذين هم أولوا الطّول الحقيقىّ (جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ) العظماء (بِأَمْوالِهِمْ) خاصّة (الْخَيْراتُ) النّفسانيّة والبدنيّة من استكمال النّفوس بالخصائل وإخراجها من الرّذائل واستجماع الغنيمة مع النّصرة والطّول مع الأولاد والصّيت والثّناء (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)