أعنى واسمعي يا جارة ، حتّى يكونوا على حذر ممّن يحتملون نفاقه وأعلام لهم بمهارتهم في نفاقهم (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) خبر أو مستأنف أو حال متداخلة أو مترادفة (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) مرّة على كفرهم ومرّة على اظهارهم الإسلام نفاقا أو مرّة بنزعهم عن آمالهم ومتمنيّاتهم ومرّة بمشاهدة ما اعدّ لهم في الآخرة (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) في القيامة (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) عطف على مردوا أو على منافقون أو على من الاعراب أو على من يؤمن بالله أو آخرون مبتدء واعترفوا خبره والجملة عطف على سابقتها (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) نزولها في ابى لبابة بن عبد المنذر حين شاوره بنو قريظة في النّزول على حكم سعد بن معاذ وقد مضى عند قوله (لا تَخُونُوا اللهَ) من سورة الأنفال لكن معناها عامّ في كلّ مؤمن أحدث ذنبا في ايمانه واعترف به (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عسى من الله واجب وانّما يأتى تعالى شأنه بأدوات التّرجّى والتّسويف جريا على عادة الملوك والأكابر في مواعيدهم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقد ورد انّ وحشيّا منهم وورد أيضا انّهم قوم اجترحوا ذنوبا مثل قتل حمزة وجعفر الطّيّار ثمّ تابوا وذكر أيضا انّ من قتل مؤمنا لم يوفّق للتّوبة (خُذْ) بنفسك أو بعمّالك وهو جواب لما ينبغي ان يسأل عنه محمّد (ص) كأنّه قال : فما افعل بالمنافقين والّذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا؟ فقال تعالى : خذ (مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) والأمر هنا للوجوب كما ورد انّها وردت في فرض الزّكاة وقد نزلت في شهر رمضان وامر (ص) مناديه ان ينادى في النّاس بفرض الزّكاة ، ومنه يعلم انّ وجوب الأخذ عليه يستلزم وجوب الإعطاء عليهم ، وهل يجب عليهم الإيصال الى يده أو يد نائبه كما يستفاد ذلك أيضا من وجوب الأخذ عليه ، وورد بذلك الاخبار وافتى به بعضهم أو لا يجب بل لهم الاختيار في الإيصال اليه (ص) والإعطاء الى من شاؤا من المستحقّين؟ والحقّ ان ليس لهم الإعطاء الّا الى الرّسول (ص) أو نوّابه وخلفائه ، أو من أذنوا لهم من المستحقّين والتّفصيل موكول الى الكتب الفقهيّة (تُطَهِّرُهُمْ) صفة لصدقة أو مستأنف وهو امّا خطاب له (ص) أو مسند الى ضمير الصّدقة ، وعلى الاوّل يكون المجرور في قوله (وَتُزَكِّيهِمْ بِها) متنازعا فيه ، والمراد بالتّزكية هنا الإنماء في المال والبركة لا التّطهير ليكون تأسيسا واشارة الى انّ الصّدقة توجب البركة في المال ليكون ترغيبا لهم فيها (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) وادع لهم بطلب الرّحمة عليهم حين الأخذ أو بلفظ الصّلوة كما ورد انّه إذا أتى النّبىّ (ص) قوم بصدقتهم قال : اللهمّ صلّ عليهم ، أو مطلقا حيث استحقّوا بتزكية المال دعاءك حين التّصدّق وبعده بأنواع الدّعاء للدّنيا والآخرة (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) سبب سكونهم واطمينانهم ونكرّ السّكن للاشارة الى انّه نوع سوى ما يعرفه النّاس ، فانّ الزّوج سكن والمال والمسكن والأولاد كلّها سكن وكذا ذكر الله سكن لكن كلّها لا يخلو عن نوع اضطراب ومداخلة للشّيطان بخلاف توجّهه (ص) وعنايته ودعائه ، فانّه يفرّ منه الشّيطان ولا يبقى له مداخلة فلا يبقى للسّاكن شيء من الاضطراب ، مثل السّكينة القلبيّة النّازلة من الله في قلب المؤمن (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) عطف على مدخول انّ أو على انّ مع اسمها وخبرها وعلى كلا التّقديرين يستفاد منه التّعليل (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) ترغيب لهم في التّصدّق وذكر التّوبة لمشاركتها للصّدقة في قبوله تعالى على أيدي خلفائه ولانّها مقدّمة للصّدقة ولذا قدّمها فانّ من لم يتب الى الله لا يمكنه التّصدّق حقيقة. اعلم ، انّ التّوبة هي رجوع الشّخص عمّا لا ينبغي