للاشعار بذمّهم بجمعهم بين الكفر والظّلم (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما) ان اتّخذا لهم (بِمِصْرَ بُيُوتاً) مبوّء ومرجعا يرجعون وقت العبادة إليها (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ) المبنيّة للعبادة (قِبْلَةً) تتوجّهون إليها وقت العبادة بإقامة عبادتكم فيها أو بتوجّهكم وقت عبادتكم نحوها (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فيها أو إليها ، وفي الاخبار ما يشعر بانّ البيوت المأمور باتّخاذها كانت مساجدهم وكانوا يجتمعون وقت العبادة إليها (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بإجابة دعوتهم ونجاتهم ووراثتهم لملك مصرفى الدّنيا والجنّة في الآخرة ، في الخبر : انّ رسول الله (ص) خطب النّاس فقال ايّها النّاس انّ الله عزوجل امر موسى (ع) وهارون (ع) ان يبنيا لقومهما بمصر بيوتا وأمرهما ان لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيها النّساء الّا هارون وذرّيّته ، وانّ عليّا (ع) منّى بمنزلة هارون من موسى فلا يحلّ لأحد ان يقرب النّساء في مسجدي ولا يبيت فيه جنبا الّا علىّ (ع) وذرّيّته فمن ساءه ذلك ، فههنا ، وضرب بيده نحو الشّام (وَقالَ مُوسى) متبتّلا الى الله داعيا على فرعون وقومه (رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً) من الحلىّ والملابس والمساكن واثاثها والمراكب (وَأَمْوالاً) من الّذهب والفضّة والضّياع والخيل والبغال والغنم والجمال (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا) تكرار النّداء لاقتضاء التّضرّع وحالة الدّعاء والمحبّة ذلك (لِيُضِلُّوا) النّاس (عَنْ سَبِيلِكَ) بطموح نظرهم الى الاعراض الفانية واتّباع من وجودها في يده (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) حتّى لا يفتتن النّاس بها لهم والطّمس المحق والافناء أصلا (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) أوثق حبال القساوة على قلوبهم (فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) عند الاحتضار ولا يؤمنوا مجزوم بلا أو منصوب بان مقدّرة دعاء عليهم بشدّ القلوب وعدم الايمان بعد ما علم انّهم لا خير فيهم ويئس من ايمانهم (قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) ورد انّه كان بين دعائه (ع) ووعد اجابته وبين أخذ فرعون وقومه أربعون سنة (فَاسْتَقِيما) فيما أنتما عليه من الدّعوة ولا تضطربا بتأخير الوعد كالجهلة ، والاستقامة في الأمر عبارة عن التّمكّن فيه بحيث لا يخرجه منه مخرج (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) سبيل الجهلة من عدم الثّبات على امر (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ) اتبع بمعنى تبع أو بمعنى جعل غيره تابعا اى تبعهم أو اخرج النّاس في عقبهم (فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً) بغى عليه بغيا عدا وظلم وعدل عن الحقّ واستطال وكذب ، وفي مشيه اختال ، وعدا ضدّ احبّ وعدا عليه ظلمه والاولى ان يكون الاوّل بمعنى الاستطالة والثّانى بمعنى الظّلم وتقدير الكلام اتبعهم فرعون اتباع بغى أو بغوا بغيا أو باغين وعادين أو للبغي والعدو (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ) قرئ بفتح الهمزة بتقدير الباء أو اللّام وقرئ بكسر الهمزة على الاستيناف (لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) اطنب في الكلام حرصا على القبول وإظهارا لشدّة الالتجاء حين الاضطرار (آلْآنَ) فقيل له : آلآن آمنت وقد اضطررت والقائل كان جبرئيل (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) حين الاختيار (وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) من الماء لا بروحك من العذاب يعنى نخرجك ببدنك من غير روح على نجوة من الأرض ليشاهدوك ويروا ذلك (لِتَكُونَ لِمَنْ