خَلْفَكَ) من القبطىّ الباقي بعدك أو السّبطىّ الّذى عظم شأنك في نظره وشكّ في انّك عظيم من عظماء الخلق (آيَةً) على كذبك وذلّك وكمال قدرتنا وحكمتنا إذا رأوا انّا أخذناك من حيث لم يكونوا يحتسبون لانّ القبطىّ وبعض السّبطىّ يظنّون انّ له عظما وشرافة وانّه لا يفعل به ما ينقص شأنه بل لا يموت (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) اى فانّا مظهرون للآيات وانّ كثيرا فهو عطف على محذوف أو عطف بلحاظ المعنى أو استيناف شبيه بالعطف (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) محلّ صدق أو هو مصدر ميمىّ والمراد بمحلّ الصّدق منزل لا يتأتّى فيه الّا الصّدق كالقلب والصّدر المنشرح بالإسلام المتعلّق بالقلب ، ومحلّ لا ينبغي ان يتأتّى فيه الّا الصّدق كمحلّ يكون ما يحتاج اليه اهله موجودا سهل الوصول من غير مزاحمة أحد ، فلا يكون فيه عداوة وحقد وحسد وتدافع وبخل ، وإذا لم يكن فيه هذه لم يكن فيه كذب لا يراث هذه المذكورات الكذب وإذا لم يكن كذب لم يكن الّا الصّدق ، والمراد بمبوء الصّدق مصر لوفور النّعمة فيها وعدم المزاحمة بعد هلاك أعدائهم أو شام كما قيل (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) الطّيّب من أرزاق الأبدان ما لا تبعة فيه من الأسقام وما لا تبعة فيه من الآثام مع كونه ملذّا للأنام ، ومن أرزاق الإنسان العلوم والأخلاق الّتى تكون مأخوذة من أهلها ومعتدلة بين الإفراط والتّفريط (فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بحقّيّة موسى (ع) ودينه بالآيات الظّاهرات كما هو شأن أمّة كلّ نبىّ (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) جواب سؤال مقدّر (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) برفع اغشية الخيال وظهور الحقّ والباطل ، والآية تعريض بأمّة محمّد (ص) في اختلافهم بعده وحين حيوته بعد ما أظهر وأعلى خلافة علىّ (ع) ، وعلى هذا فربط الآية الآتية بهذه الآية واضح لانّها مفسّرة بولاية علىّ (ع) (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) والمراد بما انزل خلافة علىّ (ع) أو ما اوحى اليه (ص) ليلة الإسراء من عظمة مقام علىّ (ع) كما في الخبر ولم يكن له شكّ لكنّه من باب ايّاك اعنى واسمعي يا جارة أو الخطاب عامّ (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) قد مرّ مرارا انّ الحقّ المضاف هو الولاية المطلقة ومظهرها علىّ (ع) وكلّ حقّ حقّ بحقّيّته (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) وأصل الآيات هي الآية الكبرى الّتى هي ولاية علىّ (ع) (فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) لانفاقك في ردّ الآيات بضاعتك الّتى آتاك الله لتنفقه في تصديق الآيات (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) تعليل للسّابق والمعنى لا تكن من الممترين الغير المؤمنين لانّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك (لا يُؤْمِنُونَ) لا من هو مثلك وأصل الكلمات هي الولاية وهي واحدة كسائر صفاته تعالى وأفعاله وكلّ الكلمات من العقول والنّفوس والأشباح النّوريّة والأشباح الظّلمانيّة والعبارات والنّقوش الكتبيّة اظلال تلك الكلمة وتلك الكلمة تختلف بحسب القوابل ففي قابل تصير رضى ورحمة رحيميّة وفي قابل سخطا وكلّ منهما امّا تحقّ وترسخ للقابل أو عليه وامّا لا تحقّ ، والّذى حقّت له كلمة الرّضا لا ينصرف عن الايمان والّذى حقّت عليه كلمة السّخط لا ينصرف عن الكفر ، والمعنى لا يؤمنون بالله أو بالولاية أو بعظمة شأن علىّ (ع) أو بالرّسالة أو بك (وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) من الآيات المقتضية للايمان (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ