وصفهم بقوله (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بيان للظّالمين يعنى انّ الظّالمين آل محمّد (ص) حقّهم هم الّذين يعرضون عن آل محمّد (ص) ويمنعون غيرهم عنهم ، وسبيل الله هو الامام وولايته في العالم الكبير والعقل أو اتباعه في العالم الصّغير ، والاعراض عن الامام (ع) لا يكون الّا بعد الاعراض عن العقل وكذا المنع بل هما متلازمان (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) اى يطلبون لها عوجا أو يطلبونها معوجّة يعنى ان كانت معوجّة يطلبونها لا إذا كانت مستقيمة امّا لانّ الإنسان عدوّ لما جهل أو لانّه بفطرته يطلب ان يكون كلّ طريق مثل طريقه أو المعنى كما في الخبر يحرّفونها عن أهلها الى غير أهلها أو يخلطونها على الضّعفاء بإظهار ما يظنّونه عيبا فيها (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) تكرير الضّمير لتأكيد الاختصاص (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) تهديد لهم وتسلية للرّسول (ص) (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) حتّى يمنعوهم من عقوبة الله ويصلحوا ما فسد من أمورهم ومن يظنّونهم أولياء ممّن نصبوهم دون ولىّ الأمر (ع) فهم لا يمنعون عن أنفسهم ولا يصلحون أنفسهم فكيف بغيرهم (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) جواب سؤال مقدّر عن حالهم أو عن حال الأولياء (ع) من دون الله كأنّه قيل : فما حال أوليائهم الّذين يتولّونهم من الأصنام والأحبار والرّهبان والرّؤساء الّذين يظنّون هم رؤساء الدّين والمقصود غاصبوا آل محمّد (ع) حقّهم ، فقال يضاعف لهم العذاب فكيف ينصرون غيرهم وهذا انسب بالمقام (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) حال من الضّمير المجرور أو استيناف أخر يعنى لشدّة العذاب لا قدرة لهم على استماع شيء أو كانوا لا قدرة لهم على سماع فضيلة علىّ (ع) في الدّنيا لبغضهم له (ع) ، واسم كان امّا ضمير الظّالمين أو الأولياء (ع) (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) بالوجهين (أُولئِكَ) الظّالمون أو الأولياء أو المجموع (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ممّا ادّعوا انتسابه الى الله من ادّعاء الخلافة والفتاوى الباطلة وادّعاء شفاعة الآلهة وشفاعة من يظنّونهم خلفاء الرّسول (ص) ورؤساء الدّين وشفعاء يوم القيامة (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) حيث بدّلوا بضاعتهم بما لم يبق منه عين ولا اثر وظنّوا انّه اجلّ عوض أخذوه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ايمانا عامّا بالبيعة العامّة النّبويّة أو ايمانا خاصّا بالبيعة الخاصّة الولويّة ودخول الايمان في قلوبهم (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بعد الايمان العامّ بالدّخول في الايمان الخاصّ أو العمل بشرائط الايمان الخاصّ ممّا أخذ عليهم في الميثاق والبيعة الولويّة إذ مرّ مرارا انّ أصل الصّالحات هو الولاية ولا يكون عمل صالح الّا بقبول الولاية ودخول الايمان في القلب (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) الإخبات الاطمينان مع الخشوع من الخبت بمعنى المتّسع من الأرض المطمئنة والمعنى اطمأنّوا اليه بالخشوع والانقطاع عن غيره ، والرّبّ المضاف هو الولىّ الّذى بايعوا معه بيعة خاصّة ولويّة ولا يصدق الإخبات الّا بعد لقائه بالوصول الى ملكوته والحضور عنده ، فانّ تلك البيعة تورث المحبّة والمحبّة تورث الاضطراب وعدم الاطمينان دون الاتّصال بالمحبوب ولا يقنع المحبّ بالاتّصال البشرىّ حتّى يحصل له الاتّصال الملكوتىّ ويجد المحبوب في عالمه ويتّحد معه وهو الّذى يعبّر عنه بالفكر والحضور والسّكينة (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) الصّادّين عن سبيل الله والمؤمنين به (كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِ) كالّذي يعمى في انّه لا يبصر طريقه وموبقات طريقه ، وكالّذي