يصمّ في انّه لا يسمع من الصّوت ما هو مقصوده أو في انّه لا يسمع نداء منادى الله في العالم الكبير ولا في العالم الصّغير أو كالّذي يعمى ويصمّ ليكون تشبيها واحدا لا ان يكون التّشبيه تشبيهين (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) تقديم الكافرين لمراعاة اللّفّ (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ) بأنّى على قراءة فتح الهمزة : وقائلا انّى لكم (نَذِيرٌ مُبِينٌ) على قراءة كسر الهمزة ، أو هو مستأنف على هذه القراءة جوابا لسؤال مقدّر (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) ان تفسيريّة وتفسير لأرسلنا أو لنذير أو لمبين على ان يكون بمعنى مظهر لإنذاري أو بمعنى ظاهر الإنذار على ان يكون النّهى عن عبادة غير الله بيانا للانذار من الله أو للافعال الثّلاثة شبه التّنازع وذلك لانّ ان التّفسيرية في الحقيقة تفسير لمتعلّق مجمل للفعل المفسّر بها ويجوز ان يكون تفسير واحد تفسيرا لعدّة أشياء مجملة كأنّه قيل : لقد أرسلنا نوحا بشيء انّى لكم نذير بشيء مبين إنذاري بشيء هو النّهى عن عبادة غير الله ، أو ان مصدريّة بدلا من انّى لكم نذير على قراءة فتح همزة انّى أو متعلّقا بأرسلنا بتقدير الباء أو اللّام على قراءة كسر همزة انّى أو متعلّقا بنذير أو مفعولا لمبين ويجوز تعلّقه بالثّلاثة على سبيل التّنازع ولا تعبدوا حينئذ يجوز ان يكون نفيا ونهيا (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) في موضع التّعليل (فَقالَ) اى فقال نوح لهم ما أرسلناه به فقال (الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) يعنى انّ المطاعيّة تقتضي ان يكون المطاع أفضل من المطيع والفضيلة امّا اضافيّة بالاضافة الى من ادّعى الانتساب اليه أو نفسيّة بكونه في نفسه أفضل من المطيع وكلاهما منتف عنك ، امّا الاوّل فلكونك بشرا مثلنا والبشر لا يكون مناسبا للخالق الّذى ادّعيت الانتساب اليه لكونك مادّيا سفليّا محدودا متحيّزا وكون الخالق بخلاف ذلك ولو فرض وجود بشر على خلاف ذلك فلست أنت ذلك لكونك مثلنا ، وامّا الثّانى فلكون اتباعك أراذل النّاس وبين التّابع والمتبوع يكون مناسبة فأنت أرذل النّاس (بادِيَ الرَّأْيِ) من بدا يبدو بمعنى ظهر أو من بدء بمعنى ابتدأ وهو منصوب على الظّرفيّة بتقدير مضاف اى وقت بادي الرّأى والاتّباع وقت اوّل الرّأى أو ظاهر الرّأى من غير تعمّق دليل على الارذليّة (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) يعنى لا فضل سوى ما ذكر ولو فرض فضل سوى ما ذكر لم تكن أنت له باهل لانّا لا نرى لكم علينا شيئا من الفضل ، أشركوا اتباعه معه في نفى مطلق الفضل ليكون كالدّليل على نفى مطلق الفضل عنه لانّه ان كان للمتبوع فضل يسر ذلك الفضل الى التّابع وان خفي في بعض ظهر من بعض آخر ، ويجوز ان يكون قوله وما نرى لكم كالنّتيجة للأوليين يعنى ان لم يكن لك فضل نفسىّ ولا اضافىّ فلا فضل لكم علينا (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) في دعوى الرّسالة وتصديقهم ايّاك ولمّا لم يكن مقدّماتهم يقينيّة بل كلّها كانت ظنّيّة خطابيّة صرّحوا بظنّهم أخيرا ، ولكن قياسهم يشبه ان يكون من القياسات الشّعريّة المركّبة من المقدّمات الوهميّة الممّوهة حيث أنكروا الرّسالة بقصر النّظر في الرّسول على بشريّته وانّها تنافي الرّسالة عن الخالق ولم ينظروا الى روحانيّته وانّها مناسبة للخالق وانّ الرّسول بوجهه الرّوحانىّ يأخذ من الله وبوجهه البشرىّ يبلّغ الى خلقه ، وانّه لو لم يكن ذا بشريّة لا يمكنه التّبليغ الى البشر ، وأنكروا فضل الاتباع أيضا بقصر النّظر على بشريّتهم وجهة دنياهم ولم ينظروا الى روحانيّتهم المناسبة لروحانيّة الرّسول المناسبة للأرواح المجرّدة ولو أدركوا روحانيّتهم ، وان لا روحانيّة لأنفسهم لعلموا انّ لاتباع النّبىّ (ص) فضلا