(لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) فانّه جعل عليّا (ع) بابه ومظهر رحمته فمن تاب عنده فاز بتوبة الله ورحمته (لا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصيرون متّصفين بالإسلام والايمان العامّ (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أو يحكّموا عليّا (ع) (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) اى فيما تنازعوا فيه من ، شجر الأمر بينهم ، بمعنى تنازعوا فيه (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) أنت أو علىّ (ع) (وَيُسَلِّمُوا) أنفسهم لك أو لعلىّ (ع) (تَسْلِيماً) في الكافي عن الباقر (ع) لقد خاطب الله أمير المؤمنين (ع) في كتابه في قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا) وتلا الى قوله (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) قال فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمّدا (ص) لا يردّوا هذا الأمر في بنى هاشم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت عليهم من القتل أو العفو ويسلّموا تسليما ، وأمثال هذا من اسرار الكتاب الّتى لا يعلمها الا من خوطب به والرّاسخون في العلم يقولون كلّ من عند ربّنا ولقد بيّنا وجه صحّته مع كون الخطاب ظاهرا لمحمّد (ص) (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا) فرضنا (عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) كفّارة لذنوبكم كما كتبنا على بنى إسرائيل بعد عبادتهم للعجل (أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ) بالجلاء (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) تفضيح بليغ لهم ببيان انّ حالهم في اتّخاذهم العجل بإغواء سامريّهم أقبح وأقوى في الشّقاء من قوم موسى (ع) فانّهم ندموا وتابوا وبعد ندمهم كتبنا عليهم القتل ففعلوا وهؤلاء لا يندمون ولو ندموا لا يفعلون ما كتب عليهم (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) من الرّجوع الى الكتاب والى قولك في علىّ (ع) ومن الرّجوع اليه والرّضا بحكومته والتّسليم له بعد التّندّم وطلب الاستغفار منه (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) لاقدامهم على الإسلام (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) لانّه باب رحمتنا فلا يردّ من أتاه خائبا (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) فانّ النّدم عن خلافهم معه وطلب المغفرة منه يوجب شمول رحمتنا لهم ، وبشمول رحمتنا يستحقّون الايمان والتّوبة الخاصّة على يده ، وحينئذ يقبلهم ويتوب عليهم ويأخذ منهم البيعة الخاصّة الولويّة ، ويفتح لهم بابا الى الصّراط المستقيم الّذى هو صراط القلب بل الطّريق الى الحضور عنده الّذى هو الحضور عند الله (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) بقبول أمرهما في علىّ (ع) ، فاذا قبل ما قالا في علىّ (ع) رجع اليه والتجأ اليه ، ومن التجأ اليه عن صدق صار مقبولا عنده ، ومن صار مقبولا عنده رحمه وأخذ البيعة وميثاق الله منه وادخله في ولايته ، ومن ادخله علىّ (ع) في ولايته (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) فانّ النّعمة الحقيقيّة هو علىّ (ع) وولايته فما بلغ من بلغ النّبوّة وكمالاتها الّا بولاية علىّ (ع) ، وما ابتلى من ابتلى منهم الّا بالوقوف في ولاية علىّ (ع) (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) والنّبىّ هو إنسان اوحى اليه بشيء ، والصّدّيق هو الّذى خرج عن الاعوجاج قولا وفعلا وعقيدة وخلقا بحيث لا يبقى فيه اعوجاج ويخرج غيره أيضا عن الاعوجاج فانّ المبالغة تقتضي ذلك والمراد بهم الأوصياء الّذين صاروا كاملين في أنفسهم مكمّلين لغيرهم ، والشّهداء هم الّذين شهدوا الغيب بالسّلوك أو بالجذب ووصلوا الى مقام القلب وحضروا عند ربّهم في الولاية الّذى هو علىّ (ع) ، أو المراد بهم الّذين استشهدوا في الجهاد ، والصّالحين هاهنا هم الّذين توسّلوا بالولاية ولم يبلغوا مقاما فيها لكن سلكوا عن صدق (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ترغيب للنّاس وتحريص لهم على الولاية ، وبشارة للمؤمنين بانّ الفضل الّذى ينبغي