أو اثنين وعشرين أو ثمانية عشر (وَكانُوا) اى السّيّارة أو اخوة يوسف (فِيهِ) في يوسف أو في الثّمن (مِنَ الزَّاهِدِينَ) غير راغبين أو ناظرين بنظر الزّهد لا بنظر الخيانة ، وكان المشترى من اخوة يوسف (ع) مالك بن زعر أمير العير فجاء به الى مصر وكان من كنعان الى مصر مسيرة اثنى عشر يوما أو ثمانية عشر يوما وقد سار يعقوب (ع) وولده بعد بشارة حيوة يوسف (ع) وسلطنته في تسعة ايّام (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) بعد وصول العير الى مصر وإبراز يوسف (ع) في معرض البيع واشتراء عزيز مصر الّذى كان بحكم الملك على خزائن مصر والملك يومئذ ريّان بن الوليد وآمن بيوسف (ع) ومات في حيوته (لِامْرَأَتِهِ) زليخا (أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) بالاعانة في أمورنا وجمع أموالنا وتعهّد ضياعنا وعقارنا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) لانّه لم يكن له ولد امّا لانّه كان عنّينا ويكتفى من النّساء بالملامسة والملاصقة أو كان عقيما ، وقد نقل انّ زليخا كانت بكرا لعننه ، أو لانّه كلّما يريد الدّخول ضعف عن الرّجوليّة ولم يتيسّر له الدّخول (وَكَذلِكَ) مثل ذلك التّمكين في دار العزيز وهو عطف على محذوف اى فمكّنّا ليوسف (ع) في دار العزيز ومثل ذلك (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) تمام ارض مصر أو المراد مثل ذلك التّمكين المسبّب عن المتاعب حتّى يكون تسلية للمبتلى (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) عطف على محذوف اى ليعدل في النّاس ولنعلّمه من تأويل الأحاديث فيدبّر على وفقها سواء أريد بالأحاديث ، الاحداث أو أحاديث الرّؤيا أو أحاديث الكتب السّماويّة واخبار الأنبياء أو اعمّ من ذلك (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) مسلّط على ما يريده لا رادّ لمراده وقد ظهر ذلك في قصّة يوسف (ع) لانّه أراد إعزازه في الدّنيا والآخرة بابتلائه وأراد يعقوب (ع) ان لا يفارق عنه ففرّق بينهما ، وأراد عدم اخبار يوسف (ع) اخوته برؤياه فأخبروا ، وأراد اخوته بحسدهم ان يقتلوه فصرفوا ، وأرادوا ان يذلّوه فصار عزيزا بإذلالهم ، وأرادوا رقّيّته ما دام عمره فصار مالك رقاب أهل مصر ، وأراد زليخا إضلاله فعصمه ، وأرادوا اتّهامه بسجنه فصار سبب ظهور طهارته وعلوّ مرتبته (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) اللّعب المعكوس منه وجعله الاضداد أسبابا للاضداد وإظهار الشّرّ بابتلاء العبد وكتمان الخير فيه (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) قد سبق تفسير الاشدّ وانّه أوان كمال جميع القوى وهو سنّ الوقوف بين الثّلاثين والأربعين والحقّ انّ مبدأه الثّامن عشر ومنتهاه الأربعون (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) نبوّة ورسالة سواء أريد بالحكم كمال القوّة العمليّة بحيث ينقاد له جميع القوى النّفسانيّة أو الحكومة والتّسلّط أو القوى النّفسانيّة ، فانّ الاوّل النّبوّة والثّانى لازمها والعلم وهو الاستبصار بالأشياء على ما هي عليه من لوازم الرّسالة ، ويجوز ان يراد بالحكم لازم الولاية من التّسلّط على القوى وبالعلم النّبوّة والرّسالة فانّ النّبوّة أيضا تستلزم الاستبصار بما في العالم الصّغير ، وعلى اىّ تقدير فتقديم الحكم لتقدّم رتبته على العلم ولمكان هذا الحكم كان ليوسف (ع) كمال العفّة حين تهيّؤ أسباب الشّهوة والشّره ولذا قدّم ذكر إعطاء الحكم على المراودة (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) يعنى كما انّ يوسف (ع) كان محسنا فأعطيناه الحكم لإحسانه كذلك نعطى كلّ محسن لإحسانه ، والإحسان قد مضى مرارا انّه الايمان الخاصّ وقبول الأحكام القلبيّة الولويّة بالبيعة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة ودخول الايمان في القلب فالمراد بالمحسن هاهنا هو الّذى صار ذا حسن أو الّذى أحسن الى نفسه بإدخالها تحت ولاية وليّه ، والإحسان الى الغير لازم ذلك الإحسان (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ