بين الجنّة والنّار وهي الكتاب الّذى كتبه الرّحمن بيده ، ومن لوازمه جعل الهموم همّا واحدا وكفى العشق فضلا ان يجعل الهموم همّا واحدا وقد قال المولوىّ قدسسره :
عقل تو قسمت شدة بر صد مهم |
|
بر هزاران آرزو وطمّ ورمّ |
جمع بايد كرد اجزا را بعشق |
|
تا شوى خوش چون سمرقند ودمشق |
وطهارة النّفس عن جملة الرّذائل كما قال أيضا :
هر كه را جامه ز عشقى چاك شد |
|
أو ز حرص وعيب كلى پاك شد |
شاد باش اى عشق خوش سوداى ما |
|
واى طبيب جمله علّتهاى ما |
اى دواى نخوت وناموس ما |
|
اى تو أفلاطون وجالينوس ما |
فانّه لا يبقى للعاشق المفتون دواعي الغضب ولا الشّهوة ولذا قيل : العشق يحرق الشّهوة لا انّه يوقدها وما يرى من هيجان الشّهوة في بعض فانّما هي لبقاء النّفس البهيميّة وغلبتها على النّفس الانسانيّة ، أو لسعة النّفس الانسانيّة وأخذ البهيميّة من العشق حظّها ، وقد علمت انّ حظّ البهيميّة من العشق هو قضاء الشّهوة ، ومنها رقّة القلب في كلّ حال والتّواضع لكلّ أحد ولا سيّما المنسوب الى المعشوق والقرب من عالم المجرّدات والتّشبّه بالملائكة ولذلك ورد : من عشق وعفّ وكتم ومات مات شهيدا ؛ وقد قال المولوىّ بلسانه :
خونبهاى من جمال ذو الجلال |
|
خونبهاى خود خورم كسب حلال |
ومنها الزّهد الحقيقىّ في الدّنيا بلا تكلّف ولا تعب في الاتّصاف به :
عاشقان را با سر وسامان چه كار |
|
با زن وفرزند وخان ومان چه كار |
والرّغبة في الآخرة وطلب الخلاص من سجن الدّنيا :
عاشقان را هر زماني مرد نيست |
|
مردن عشّاق خود يك نوع نيست |
أو دو صد جان دارد از نور هدى |
|
وان دو صد را ميكند هر دم فدا |
ومتعلّقه بحسب الظّاهر هو الا وجه الحسان باعداد الأبصار أو السّماع ونغم الالحان باعداد السّماع فقط ، وقد يكون تعلّق العشق بالاوجه الحسان باعداد غلبة الشّهوة مع النّظر أو السّماع ، وشرف حسن الصّورة ثابت بالكتاب والسّنّة والعقل والفطرة والمنكر له خارج عن الكلّ ومن لا يميّز بين الصّور الحسان وغيرها ليس بإنسان ، ودقيق النّظر يقتضي ان يكون متعلّق العشق امرا غيبيّا متجلّيا على العاشق من مرآة جمال المعشوق ، ولمّا كان ازدياد حسن الصّورة وبهاؤها دليلا على ازدياد حسن السّيرة وصفاء النّفس وكان ازدياد صفاء النّفس موجبا لاشتداد تجلّى ذلك الأمر الغيبىّ ، فكلّما كانت الصّورة أحسن كان تجلّى الأمر الغيبىّ اشدّ وبحسب اشتداده يشتدّ العشق ، وممّا يدلّ على انّ متعلّق العشق هو الأمر الغيبىّ لا الحسن البشرىّ فقط انّه لو كان المعشوق امرا جسمانيّا لانطفى حرارة شوقه وانسلى من حرقة فرقته عند الوصول الى معشوقه والحال انّ العاشق إذا وصل الى المعشوق وحصل له الاتّصال الجسمانىّ ازداد حرقته واشتدّ لوعته كما قيل :
اعانقها والنّفس بعد مشوقة |
|
إليها فهل بعد العناق تدانى |
والثم فاها كى يزول حرارتى |
|
فيزداد ما يبقى من الهيجان |
وانّه لو حصل للعاشق اتّصال ملكوتىّ بالمعشوق لتسلّى عن صورته الجسمانيّة كما نقل عن المجنون العامرىّ انّه وقفت على رأسه ليلى العامريّة فقالت : يا مجنون انا ليلاك فلم يلتفت إليها وقال : لي منك ما يغنيني ، وقد قال المولوىّ قدسسره برهانا على هذا المطلب :