إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) تقوية لتوكّلهم وصبرهم (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) هذا الخطاب لجميع الرّسل في العوالم الانسانيّة وإسكانهم في الأرض الصّغيرة الانسانيّة وكان لبعض الرّسل في العالم الكبير (ذلِكَ) الإهلاك أو الإهلاك وإسكان الرّسل (ع) ل انتفاع من (خافَ) أو ذلك الإهلاك والإسكان كما يكون للرّسل فهو ثابت لم خاف (مَقامِي) وموقفي للحساب (وَخافَ وَعِيدِ وَاسْتَفْتَحُوا) اى الرّسل (ع) أو الأمم المنكرة أو الجميع لانّ كلّا استفتحوا من الله والمعنى طلبوا الفتح على أعدائهم أو الفاتحة والحكومة بينهم وبين أعدائهم (وَخابَ) في ذلك الاستفتاح (كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) متكبّر معاند للحقّ منكر له (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) الصّديد القيح والدّم الّذى يخرج من الجلود بالنّار وفي أخبارنا هو ما يسيل من الدّم والقيح من فروج الزّوانى في النّار ووصف الماء الصّديد بتشويه الوجوه وقطع الأمعاء وإخراجها من دبر صاحبها كثير في الاخبار (يَتَجَرَّعُهُ) يتكلّفه جرعة جرعة لغاية كراهته له (وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) بحسب أسبابه لانّه يحيط به أسبابه من جميع جهاته (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) فيستريح (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) أعاذنا الله بمنّه وفضله وقدم إحسانه ، وقد فسّر العذاب الغليظ الّذى له بعد ذلك العذاب بحميم تغلى به جهنّم منذ خلقت كالمهل يشوى الوجوه بئس الشّراب وسائت مرتفقا (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) اى حكايتهم وشأنهم في أحوالهم وأعمالهم وقبولها وردّها (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) حملته وأسرعت الذّهاب به (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) اى عاصف ريحه فانّ العصف شدّة الرّيح تعريض بمنافقى الامّة لانّهم اغترّوا بما عملوه في الإسلام من العبادات والانفاقات والاعتاقات وتركوا الولاية وكفروا به فكفروا بمحمّد (ص) فكفروا بالله وان فسّر ربّهم بالرّبّ المضاف فالمعنى واضح (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا) في الإسلام (عَلى شَيْءٍ) يعنى لا يصلون الى جزاء شيء ممّا كسبوا فانّ سلب القدرة كثيرا ما يستعمل في عدم وصول اليد (ذلِكَ) التّعب في العمل وعدم القدرة على شيء من جزائه مع حسبان انّهم يحسنون صنعا (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) نسبة البعد الى الضّلال مجاز (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (ص) أو يا من يتأتّى منه الرّؤية (أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) اى متلبّسا بالحقّ لانّه لا باطل فيه أو بواسطة الحقّ الّذى هو الولاية المطلقة فلا بأس بانكارهم ولا نقص لها بذلك الإنكار (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) ابرز الأمر المتحقّق في معرض المشكوك تهديدا لهم لانّه يوهم الاذهاب في الآن الحاضر والّا فليس له شأن سوى الاذهاب والإتيان بخلق جديد (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بمتعذّر ولا متعسّر لانّه واقع (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) يعنى يوم القيامة ، أتى بالماضي للدّلالة على تحقّق وقوعه أو لانّ الخطاب لمحمّد (ص) وامر القيامة مشهود له (فَقالَ الضُّعَفاءُ) اى الاتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) اى المتبوعين وقد فسّر على الاستكبار بترك الطّاعة لمن أمروا بطاعته والتّرفّع على من ندبوا الى متابعته (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) استغاثوا بهم كما ظنّوا في الدّنيا انّهم يغيثونهم في الآخرة لانّ المراد بالرّؤساء هم المترئّسون في الدّين صورة لا رؤساء الدّنيا واستعطفوهم بذكر تبعيّتهم لهم (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) دافعون عنّا (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا) في جوابهم (لَوْ هَدانَا اللهُ) في الدّنيا