وهاهنا الى طريق النّجاة علّقوا تقصيرهم على عدم هداية الله كما هو ديدن النّساء بعد ما اعترفن بسوء فعلهنّ ، أو المراد بهذا الشّرط الشّرط في الاستقبال يعنى ان هدينا الله هاهنا الى طريق الخلاص (لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا) يعنى عليكم وعلينا (أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) منجى ومهرب (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) اى امر الدّنيا ، (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ) انّ الله بلسان مظهره محمّد (ص) وعلىّ (ع) وعدكم وعد الحقّ (وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) تسلّط وإجبار (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) استثناء منقطع اى دعوتكم وزيّنت لكم الكفر والعصيان (فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي) فانّى كنت عدوّا لكم وما كان عداوتي مخفيّة عليكم ومن قبل قول العدو يلام ، على انّ المدعوّ الى الشّرّ أو الى ما لا يعلم ضرّه ونفعه ملوم في اجابته (وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) اى تبرّأت من اشراككم ايّاى بالله في الطّاعات واشراككم ايّاى بعلىّ (ع) في الولاية (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) من تتمّة كلامه أو استيناف من الله وحكاية أمثال هذه انّما هي للتّنبيه على انّ أهل الدّنيا في الحقيقة هم أهل النّار لانّهم كلّما اتّفقوا على امر ولا يقضون منه مرامهم يلعن بعضهم بعضا ويتبرّأ بعضهم من بعض ويرمى بذلك الأمر بعضهم بعضا (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) علىّ (ع) ودعوته هو الكلمة الطّيّبة (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) من حيث الاثمار لا يتضرّر أحد بثمرها ، ومن حيث الرّيح والظّلّ والمنظر (أَصْلُها ثابِتٌ) لا يتحرّك ولا ينقل من مكانه (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) في الصّيف والشّتاء والخريف والرّبيع (بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) لانّهم لا يدركون المعقولات الّا بالصّور المحسوسة (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) عن الصّادق (ع) انّه سئل عن الشّجرة في هذه الآية فقال : رسول الله (ص) أصلها ، وأمير المؤمنين (ع) فرعها ، والائمّة من ذرّيّتهما أغصانها ، وعلم الائمّة (ع) ثمرتها ، وشيعتهم المؤمنون ورقها ، والاخبار بهذا المضمون كثيرة (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) غيّر الأسلوب بانّ المقصود بالذّات من ضرب الأمثال هو الأخيار وأمثالهم وامّا الأشرار فليست مقصودة الّا بالتّبع (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) لانّها لاثبات لها كالمرأة الّتى لاثبات لها على شيء من آرائها وأقوالها وعهودها (ما لَها مِنْ قَرارٍ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) كالنّتيجة لما قبله يعنى بعد ما علم انّ محمّدا (ص) وعليّا (ع) هما الشّجرة الطّيّبة الثّابتة فمن آمن بهما يثبّته الله بهما وهما القول الثّابت أو بإيمانه وهو أيضا قول ثابت (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فلا يشكّون في دينهم وفي آخر الحيوة الدّنيا فلا يمكن للشّيطان ان يفتنهم عند الموت (وَفِي الْآخِرَةِ) فلا يزلفون الى النّار (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) الّذين انصرفوا عن الشّجرة الطّيّبة الى الشّجرة الخبيثة لانّهم ظلموا أنفسهم بمنعها عن حقّها الّذى هو اتّباعها للشّجرة الطّيّبة وظلموا آل محمّد (ص) بمنعهم عن حقّهم الّذى هو انقيادهم لهم واضلالهم يكون عن طريق الجنان الى الجحيم كما انّهم ضلّوا في الدّنيا عن صاحب الجنان الى صاحب الجحيم (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) امّا من قبيل لا يسأل عمّا يفعل ، أو المقصود رفع الاغترار عن المؤمنين ورفع اليأس عن