العهود والايمان وتذكرتها (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فعلى هذا يكون الخطاب عامّا لكلّ من يتأتّى منه الخطاب أو خاصّا على طريقة ايّاك اعنى واسمعي يا جارة (مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) فانّ الاستعاذة لها اثر عظيم في منع الشّيطان سيّما إذا كانت بالفعل والحال أو بالقول قرينا للفعل والحال ، وبهذه الآية تمسّك من قال بوجوب الاستعاذة القوليّة أو استحبابها في اوّل القرائة ولذلك ضمّن قرأت معنى أردت القرائة وقد مضى في اوّل فاتحة الكتاب تفصيل تامّ للاستعاذة وكيفيّتها (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة أو الخاصّة (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) بالاستعاذة به والتّوكّل عليه (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) ولا يؤمنون بالله (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) يعنى بعد الايمان أو العطف من قبيل عطف الأوصاف العديدة لذات واحدة وانّ الله اسم لذاته تعالى بحسب مقام معروفيّته ، ومقام المعروفيّة باعتبار وجهته الى الغيب يسمّى الله وباعتبار وجهته الى الخلق يسمّى عليّا (ع) وفي الاخبار انّ الشّيطان يسلّط من المؤمن على بدنه ولا يسلّط على دينه وفي خبر ليس له ان يزيلهم عن الولاية فامّا الّذنوب وأشباه ذلك فانّه ينال منهم كما ينال من غيرهم (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) آية من القرآن مكان آية منه بنسخ الاولى أو حكما من الأحكام مكان حكم آخر فانّ الأحكام كلّها آيات لطفه وعلمه في نظام الكلّ أو آية مكان آية أخبرت بها بالبداء فيها ومحوها وإثبات غيرها أو آية من الآيات العظمى مكان اخرى بجعل علىّ (ع) بدلا منك واخبارك ايّاهم بذلك (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) من حيث حكمه ومصالحه (قالُوا) اى الكفّار أو منافقوا أمّتك (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) وليس ذلك باخبار ووحي من الله (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) جواز النّسخ والتّبديل وكيفيّته والمصلحة فيه (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) اى جبرئيل فانّه من الأرواح وإضافته الى القدس لتنزّهه عن شوائب النّقص ، أو المراد بروح القدس الملك الّذى هو أعظم من بجبرئيل لم يكن مع أحد من الأنبياء (ع) وكان مع محمّد (ص) وقد أسلفنا انّه ربّ النّوع الانسانىّ (مِنْ رَبِّكَ) حقّ العبارة ان يقال من ربّى لكنّه عدل الى الخطاب امّا لانّه مستأنف من الله تعالى غير محكىّ بالقول بتقدير نزّله اى نزّله من ربّك أو لفرض المحكىّ بالقول غير محكي بالقول ومثله كثيرا ما يقع في المحكىّ بالقول ، أو لانّ خطاب من ربّك ليس لمحمّد (ص) بل لكلّ من يتأتّى منه الخطاب ، أو للشّيطان يعنى قل للشّيطان المنكر للولاية نزّله روح القدس من ربّك (بِالْحَقِ) والضّمير في نزّله للتّبديل وارجاعه الى خصوص امر ولاية علىّ (ع) يؤيّد التّفسير الأخير للآية المبدلة (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) هذا أيضا يؤيّد التّفسير الأخير للآية فانّ الولاية هي الّتى يثبّت بها ايمان المؤمنين وهي الهدى والبشرى للمسلمين (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) يضيفون ويميلون قولك الى تعليمه (أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) قيل كانوا يقولون انّما يعلّمه ابو فكيهة مولى ابن الخضرمىّ وكان أعجميّ اللّسان وآمن بالنّبىّ (ص) وكان من أهل الكتاب ، وقيل : كانوا يقولون انّما يعلّم النّبىّ (ص) بشر يقال له بلعام وكان قينا روميّا نصرانيّا ، وقيل : أرادوا به سلمان الفارسىّ رحمهالله ، وقيل : أرادوا به غلامين نصرانيّين (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فما لهم لا يتفطّنون ويلحدون القرآن الّذى هو لسان عربيّ مبين