لموت النّبىّ (ص) أو قتله (ص) وتفرّق كلمتكم والغلبة على دينكم وبعد نصب أمير لكم يئس الكفّار من الغلبة وتفرّق الكلمة ويئس المنافقون بنصب علىّ (ع) عن الغلبة على دينكم وترويج باطلهم وإظهار نفاقهم فاذا يئس الكفّار (فَلا تَخْشَوْهُمْ) ولمّا لم يستكمل ايمانكم فلا تأمنوا من عقوبتي (وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ) يوم نصب علىّ (ع) بغدير خمّ (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الإكمال قد يستعمل في إتمام ذات الشّيء كإكمال النّوع بالفصل والبيت بأركانه وسقفه ، وقد يستعمل في إتمام الشّيء بمحسّناته ومتمّماته الزّائدة على ذاته كإكمال الإنسان بمهارته في العلوم والصّنائع ، والبيت بزخرفته وفروشه ، والمراد بالدّين هنا هو الإسلام الحاصل بالبيعة العامّة النّبويّة وقبول الأحكام النّبويّة والمراد بالإكمال هو إتمامه في ذاته ، لانّ الإسلام بنى على خمسة أركان والرّكن الأخير هو الولاية اعنى البيعة مع علىّ (ع) بالامامة لانّ الولاية بمعنى المحبّة أو اعتقاد الولاية لعلىّ (ع) خارجة عن الأعمال القالبيّة الاسلاميّة فلا تكون من أركان الإسلام ومتمّمات احكام القالب وإتمامه في خارج ذاته باعتبار ، فانّ الإسلام كالمادّة للولاية بالمعنى الحاصل بالولاية الّتى هي من أركان الإسلام وهو الايمان الدّاخل في القلب وبه الحركة والسّير الى الله وهو بمنزلة الصّورة للإسلام والصّورة وان كانت محصّلة للمادّة وما به قوام المادّة وبقاؤها لكنّها خارجة عن ذاتها (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) فانّ الإسلام نعمة من الله لكنّه مركّب من الأركان الخمسة ولا يتمّ المجموع الّا بتمام اجزائه وأيضا هو مادّة للولاية بالمعنى الآخر ولا بقاء ولا قوام للمادّة الّا بالصّورة فبالولاية تتمّ نعمة الإسلام (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) فانّه لنقصان أركانه وعدم تحصّله كان غير مرضىّ وعن الصّادقين (ع) انّما نزل بعد ان نصب النّبىّ (ص) عليّا (ع) علما للأنام يوم غدير خمّ عند منصرفه عن حجّة الوداع ، قالا : وهي آخر فريضة أنزلها الله ثمّ لم تنزل بعدها فريضة ، وورد عنهم (ع) اخبار كثيرة قريبة من هذا (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) المخمصة هي المجاعة لكن تستعمل في كلّ شدّة وضيق ، في تفاسير العامّة انّه مربوط بذكر المحرّمات وما بينهما اعتراض ، ولمّا علّق وقيّد يأس الكفّار عن الدّين وإكمال الدّين وإتمام النّعمة وارتضاء الإسلام منهم بيوم مخصوص ووقت معيّن ، علم انّه لا يكون الّا لوقوع امر عظيم فيه هو يقطع طمع الكفّار ويصير سببا لا كمال الدّين والّا لم يكن للتّقييد به وجه وما ذاك الّا سدّ خلل الدّين بعد النّبىّ (ص) بنصب من يحميه ويحفظ أهله من الاختلاف والافتراق فانّه لا امر أعظم منه فضلا عمّا بيّنوا لنا من انّ نزولها بغدير خمّ بعد نصب علىّ (ع) علما للنّاس ، وإذا علم ذلك تيسّر ربط هذه الآية بما قبلها تماما من تحريم المحرّمات وتتميم الدّين بنصب علىّ (ع) والتّرغيب فيه كأنّهم سألوا فما لنا ان اضطررنا الى أكل المحرّمات أو الى ترك التّوسّل بعلىّ (ع) والتبعيّة له؟ ـ فقال تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) بيانا لوجه الاضطرار حالكونه (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) اى غير مائل اليه أو غير متجاوز عن قدر الضّرورة كما في قوله (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) ، ولمّا كان المقصود هو الاضطرار الى اتّباع معاوية وترك اتّباع علىّ (ع) فلا ضير أن يفسّر الإثم بمعاوية ، اى غير مائل في الباطن الى معاوية ، فانّه لا يؤاخذ إذا كان أكل الحرام أو اتّباع غير علىّ (ع) عن اضطرار من غير ميل قلبيّ (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) اى اىّ شيء أو ما الّذى أحلّ لهم سألوا عن المحلّلات بعد ذكر المحرّمات (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) لا اختصاص لها بالاغذية الغير المستخبثة كما فسّره المفسّرون ، بل أصل الطيّبات هو علىّ (ع) ثمّ ولايته بالبيعة الولويّة ثمّ العمل بما دخل منه (ع) في القلب ثمّ العمل بما أخذ عليه في ميثاقه ثمّ