بحسب التّأويل (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) لا يكسبنّكم أو لا يحملنّكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) بغضاؤكم لقوم أو بغضاء قوم لكم قرء شنأن قوم بفتح النّون مصدرا أو بسكون النّون مصدرا أو وصفا (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قرئ بفتح الهمزة بتقدير اللّام أو الباء أو على ويجوز ان يكون بتقدير في وان يكون بدلا من شنأن قوم بدل الاشتمال أو مفعولا ثانيا ليجرمنّكم وقرئ بكسر الهمزة (أَنْ تَعْتَدُوا) مفعول ثان ليجرمنّكم أو بتقدير اللّام أو الباء أو على أو في أو بدل من شنأن قوم أو من ان صدّوكم نحو بدل الاشتمال ، اى لا يحملنّكم بغضاء قوم على الاعتداء بالخروج عمّا رخّص الله لكم في شريعتكم وعمّا حدّه لكم في طريقتكم من التّنزّل عن مقام الصّدر المنشرح بالإسلام الى مقام النّفس الامّارة والايتمار بأمرها وقمع القوى المانعة لكم من الحضور لدى القلب وقتل من يمنعكم من الحضور عند صاحب القلب ، بل عليكم بالملاينة والمرافقة والمداراة أو إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه في مقامه (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) البرّ هاهنا الإحسان الى خلق الله وهو من احكام الرّسالة ولوازمها كما قال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ؛ والتّقوى حفظ النّفس عن ضرّ الغير وعن اضرارها للغير وهو من آثار الولاية ولوازمها لانّ الرّسالة رجوع الى الخلق بصفات الحقّ من عموم الرّحمة ، وقبول الولاية انزجار ورجوع من الخلق الى الحقّ ، وصاحب الولاية شأنه إرجاع النّاس من الكثرات الى الوحدة وهما متّحدان مع الرّسالة والولاية وهما متّحدتان مع الرّسول (ص) والولىّ (ع) فصحّ تفسيرهما بمحمّد (ص) وبعلىّ (ع) وحصرهما فيهما (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) الإثم الاساءة الغير المتعدّية والعدوان الاساءة المتعدّية وهما متّحدان مع الآثم والعادي يعنى لا تعاونوا على الاساءتين (وَاتَّقُوا اللهَ) في الاعتداء والتّعاون عليهما (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) استيناف لبيان المستثنى المقدّم كأنّ السّامع يطلب ويسأل بيانه وينتظر ذكره ولذا لم يأت بأداة الوصل (وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ) اى رفع الصّوت لغير الله به والمراد تنزيلا الّذبيحة الّتى ذكر غير اسم الله عليه وتأويلا كلّ فعل رفع صوت النّفس بالأمر به ، فانّ صوتها لغير الله لا محالة كما انّ قوله (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) اشارة الى كلّ فعل امر العقل به فانّ امره لا محالة لله (وَالْمُنْخَنِقَةُ) كانوا يخنقون البقر أو الغنم فاذا انخنق أكلوه (وَالْمَوْقُوذَةُ) كانوا يشدّون أرجل الانعام ويضربونها حتّى تموت فيأكلونها (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) كانوا يشدّون أعينها ويلقونها من السّطح ثمّ يأكلونها (وَالنَّطِيحَةُ) كانوا يناطحون بالكباش فاذا ماتت أكلوها (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) كانوا يأكلون فريسة السّبع (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) كانوا يذبحون لبيوت النّيران وكانوا يعبدون الشّجر والصّخر والأصنام فيذبحون لها (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) جمع الزلم محرّكة أو كصرد قدح يتقامر به كانوا يعمدون الى الجزور فيقوّمونه بينهم ثمّ يسهمون عشرة أسهم سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها ويجعلون ثمن الجزور على الثّلاثة الّتى لا أنصباء لها ثمّ يخرجون السّهام فمن خرج باسمه الثّلاثة الّتى لا أنصباء لها ألزموهم ثمنها والسّبعة الّتى لها أنصباء يأخذون لحم الجزور بلا ثمن فحرّم ذلك كلّه وقال تعالى (ذلِكُمْ) اشارة الى المجموع أو الى الاستقسام بالأزلام (فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) اشارة الى يوم نصب علىّ (ع) بالخلافة يعنى كان الكافرون والمنافقون يترقّبون