النّهى عن إحلال حرمة الولاية ، ولمّا كانت الولاية من شؤن الولىّ وكان علىّ (ع) هو الأصل في ذلك كان المقصود لا تتهاونوا بعلىّ (ع) (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ لانّ الشّهر الحرام من حيث حرمته من شعائر الله ، وعن علىّ (ع) انا الأعوام والدّهور وانا الايّام والشّهور ، ونزول الآية كما في الخبر في رجل من بنى ربيعة قدم حاجّا وأراد المسلمون قتله في الأشهر الحرم لكفره ولانّه كان قد استاق سرح المدينة (وَلَا الْهَدْيَ) ما أهدي به الى البيت (وَلَا الْقَلائِدَ) ذوات القلائد جمع القلادة ما أشعر به الهدى من نعل صلّى فيه أو لحاء شجر أو غيره أعلاما بانّه هدى البيت لئلّا يتعرّض له أو المراد النّهى عن إحلال القلائد أنفسها ، وعلى الاوّل يكون من عطف الخاصّ على العامّ (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قاصدين البيت لزيارته بقرينة قوله تعالى (يَبْتَغُونَ) بزيارتهم (فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) من سعة العيش في الدّنيا (وَرِضْواناً) رضا ربّهم في الآخرة ، وبعد ما علمت انّ البيت الحقيقىّ لله هو القلب في العالم الصّغير وصاحب القلب في العالم الكبير وانّ البيت الّذى بناه إبراهيم (ع) صورة هذا البيت وظهور القلب الّذى هو بيت حقيقىّ لله ولذا سمّى بيتا لله ، وكونه بحذاء البيت المعمور وانّه في السّماء الرّابعة يدلّ على هذا ، فاعلم انّ جميع ما سنّ الله تعالى من مناسكه ومواقفه صورة ما سنّه تعالى تكوينا وتكليفا من مناسك الحجّ الحقيقىّ في الصّغير والكبير ، فاوّل بيت وضع للنّاس في ملك الصّغير هو القلب فانّه اوّل عضو يتكوّن ومن تحته دحو ارض البدن ، واوّل بيت وضع للنّاس في ملكوت الصّغير هو القلب الملكوتىّ ، واوّل بيت وضع للنّاس في الكبير هو خليفة الله في أرضه ، ولمّا كان بيت الأحجار ظهور قلب ذلك الخليفة فكلّما يتأتّى في القلب يجرى بعينه في هذا البيت وتفصيله قد مضى في آل عمران عند قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) ، فالقلب هو بيت الله والصّدر المستنير بنور القلب مسجد وحرم وشهر حرام بتفاوت الاعتبارات ، وصاحب هذا الصّدر المأذون في التّكلّم مع الخلق ونقل أخبارهم وبيان أحكامهم أيضا شهر حرام وحرم ومن بيوت الأنبياء (ع) ومسجد المحلّة ومن القرى الظّاهرة الواسطة بين الخلق وبين القرى المباركة ، والبهيمة والهدى وذوات القلائد في الصّغير القوى الغير الشاردة الابيّة المتوقّفة عن حضرة القلب أو المتحرّكة إليها بتبعيّة اللّطيفة الانسانيّة غير المستنيرة بنور القلب ، أو المستنيرة المتقلّدة بقلادة نور القلب وفي الكبير افراد الإنسان الّتى لا تأبّى لها عن الطّاعة ولا تهيّج لها للحركة الى بيت الله الامام ، أو المتحرّكة مع قاصد البيت من غير تعلّم شيء من علامات الدّين الّذى هو قلادتها واشعارها ، أو مع تعلّم شيء منها وتقلّدها بقلادتها ، والصّيد هو الشّارد الابىّ من القوى ومن افراد الإنسان ، ولا يجوز للمحرم لحضرة القلب ما لم يطف به ولم يتمكّن من مناسكه التّعرّض له ، فانّه خلاف قصده ومضرّا حرامه لانّه شاغل له عن الحركة اليه ، فاذا تمكّن من طواف القلب وعاد بعد الهجرة الى مقام الصّدر واستنار صدره بنور القلب بحيث لا ينطفى ولا يختفى ذلك النّور باشتغاله بأمر الصّيد فله التّعرّض بقتل وقيد وأسر ، والفضل استنارة الصّدر بنور القلب ، والرّضوان استنارة القلب بنور الرّوح ، وما لم تشتدّا كانتا للإنسان قبولا وصاحبهما قابلا وتابعا ومقلّدا ، وإذا اشتدّتا وتجوهر الصّدر والقلب بهما وكان صاحبهما محتاجا الى الاستمداد من الواسطة بينه وبين الله صارتا خلافة للرّسالة أو للولاية ، وإذا استغنتا عن الواسطة واستمدّتا من الله بلا واسطة صارتا رسالة وولاية وهما كما علمت من شؤن الرّسول والولىّ ومتحدتان معهما ، والأصل في الرّسل والأولياء محمّد (ص) وعلىّ (ع) فصحّ تفسيرهما بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) وحصرهما فيهما. ولمّا أجمل ذكر الصّيد في قوله : غير محلّى الصّيد ؛ ولم يتعرّض له في جملة المنهيّة عن التّهاون بها ناسب المقام السّؤال عن حاله والجواب عنه فقال تعالى جوابا وبيانا (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) امر في معنى الاباحة بحسب التّكاليف القالبيّة وفي معنى الرّجحان