فِي أَنْفُسِهِمْ) من نفاق المؤمنين وموالاة الكافرين (نادِمِينَ) ورد في الاخبار انّ تأويله في بنى أميّة فنقول ان كان نزوله في عبد الله بن ابىّ وأصحابه فالتّعريض بمخالفى علىّ (ع) ويجرى في كلّ من خالف الائمّة (ع) ومنهم بنو أميّة الى ظهور القائم عجّل الله فرجه (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) في الدّنيا بعد انقلاب الأمر على الكفّار أو على المنافقين بعد ما رأوا المنافقين في زمرة الكافرين أو في الآخرة بعد ما رأوهم في طريق الكافرين ، وقرئ بنصب يقول عطفا على يأتى أو يصبحوا (أَهؤُلاءِ) اشارة الى المنافقين يعنى يقول المؤمنون في حقّ المنافقين بعد ما رأوهم في زمرة الكافرين ورأوا حسن حال المؤمنين تبجّحا وسرورا بما للمؤمنين أهؤلاء (الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) اغلظ ايمانهم (إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) فيه معنى التّعجّب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) فلن يضرّ دين الله شيئا (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) والمقصود الارتداد عن قول محمّد (ص) في ولاية علىّ (ع) والمراد بقوم يحبّهم أصحاب علىّ (ع) فانّ هذا الوصف لهم مأخوذ من سيّدهم علىّ (ع) لقول النّبىّ (ص) في خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ولا خلاف انّ الرّجل كان عليّا (ع) ولمّا كانت الآية جارية الى يوم القيامة فكلّ من أصحاب الائمّة (ع) داخل تحتها الى المهدىّ عجّل الله فرجه ، وقد فسّرت بعلىّ (ع) وأصحابه وبأصحاب علىّ (ع) وقال علىّ (ع) يوم الجمل : والله ما قوتل أهل هذه الآية حتّى اليوم ، وعن الصّادق (ع): هم أمير المؤمنين وأصحابه حين قاتل من قاتله من النّاكثين والقاسطين والمارقين (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) من الّذلّ بالكسر بمعنى اللّين أو من الّذلّ بالضمّ بمعنى الهوان بمعنى انّهم يعدّون أنفسهم أذلّاء عند المؤمنين بتحقير أنفسهم وتبجيل المؤمنين لانّ المؤمنين يعدّونهم أذلّاء (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) غلاظ شداد والمقصود انّهم ذو مناعة وعزّة على الكافرين لا يعدّونهم في شيء (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) لا في سبيل النّفس والشّيطان (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) فيما يفعلون بأمر الله يعنى انّهم ناظرون الى أمر الله لا الى مدح مادح ولوم لائم (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) الإتيان باسم الاشارة البعيدة غاية تعظيم لما ذكر لهم من الصّفات وكذا اضافة الفضل الى الله (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) قد ورد من طريق العامّة والخاصّة انّ الآية نازلة في علىّ (ع) حين تصدّق في المسجد في ركوع الصّلوة بخاتمه أو بحلّته الّتى كان قيمتها الف دينار ، ومفسّروا العامّة لا ينكرون الاخبار في كونها نازلة في أمير المؤمنين (ع) وقد نقلوا بطرق عديدة من رواتهم انّها نزلت في علىّ (ع) ومع ذلك يقولون في تفسيرها انّ الآية لمّا نزلت بعد النّهى عن اتّخاذ أهل الكتاب أولياء ، ولا شكّ انّ المراد بالأولياء هناك أولياء المعاشرة لا أولياء التّصرّف كان المراد بالأولياء هاهنا أيضا أولياء المعاشرة بقرينة المقابلة وبقرينة جمع المؤمنين ، ولو كان المراد أمير المؤمنين (ع) وبالولاية ولاية التّصرّف ، لصرّح باسمه أو لقال والّذى آمن بالافراد ؛ وهم غافلون عن انّه لو صرّح باسمه أو أفرد المؤمن مع الاتّفاق في انّها نازلة في أمير المؤمنين (ع) لأسقطوه تمويها على مخالفي علىّ (ع) فنقول : نسبة الولاية اوّلا الى الله ثمّ الى رسوله (ص) ثمّ الى الّذين آمنوا تدلّ على انّ المراد بالولاية ولاية التّصرّف الّتى في قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لانّ ولاية الله ليست ولاية المعاشرة