ثمّ احتكموا اليه في قتل كان بينهم (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) يصرفوك (عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) يعنى فاعلم انّ لهم ذنوبا كثيرة والإقبال عليك مسقط لعقوبتها والتّولّى عنك دليل على ارادة الله لعقوبتهم ببعض منها (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) خارجون عن طريق الحقّ وهو تعريض بالامّة حيث تولّوا عنه في امره بولاية علىّ (ع) ان كان نزوله في أهل الكتاب وتسلية للرّسول (ص) بان لا يعظّم تولّيهم ولا يحزن عليهم لتولّيهم (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) وهذا مؤيّد لوجه التّعريض ، فانّ توبيخ الامّة بعد تصديق الرّسول (ص) على طلب حكم الجاهليّة له موقع دون توبيخ غير المصدّقين (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) اللّام لام اختصاص والظّرف متعلّق بحكما أو بأحسن ، والاستفهام للإنكار يعنى لا أحسن من الله حكما لقوم يوقنون والمقصود انّ الله أحسن حكما فانّه وان كان بحسب المفهوم اعمّ ، لكن استعماله في مثل هذا المقام لاثبات الاحسنيّة للمفضّل عليه ونفيها من غيره والتّعبير عنه بحيث يظهر تعلّق اللّام هكذا الله يحسن حكومته لقوم يوقنون اشدّ حسن ، أو حكومة الله تحسن لقوم يوقنون ، وتخصيص احسنيّة الحكومة بالموقنين لظهورها عليهم ولموافقتها لهم دون غيرهم من أصحاب الأهواء والظّنون ، وقيل : اللّام بمعنى عند ويكون حينئذ متعلّقا بأحسن ، وقيل : اللّام للبيان اى لبيان متعلّق الاستفهام اى هذا الاستفهام لقوم لا يوقنون (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) احبّاء تعاشرونهم معاشرة الأحباب وتتوقّعون منهم النّصرة في البلايا (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فلا تتوقّعوا منهم الولاية فانّهم لكونهم على دين واحد متوادّون وان كانوا متنازعين من جهة اخرى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) لانّ التّولّى والتّودّد لا يكون الّا من سنخيّة بين المتوادّين والسّنخيّة تقتضي الدّخول في الاسناخ ، عن الصّادق (ع) من تولّى آل محمّد (ص) وقدّمهم على جميع النّاس بما قدّمهم من قرابة رسول الله (ص) فهو من آل محمّد (ص) بمنزلة آل محمّد (ص) لانّه من القوم بأعيانهم وانّما هو منهم بتولّيه إليهم واتّباعه ايّاهم وكذلك حكم الله في كتابه ومن يتولّهم منكم فانّه منهم ، وقول إبراهيم (ع) فمن تبعني فانّه منّى (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين) يعنى لا تتّخذوا منهم أولياء لانّهم ظالمون بعدم قبول الإسلام وانّ الله لا يهدى القوم الظّالمين ، أو لا تتّخذوا منهم أولياء فتصيروا ظالمين بتولّيهم وعدم تولّى المؤمنين فلا يهديكم الله الى الحقّ لانّ الله لا يهدى القوم الظّالمين (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) كابن ابىّ وأضرابه (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) في موالاتهم (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) اعتذار من تودّدهم ، والدّائرة عبارة عن نوائب الدّهر تدور على الخلق ، روى ان عبادة بن الصّامت قال لرسول الله (ص): انّ لي موالي من اليهود كثيرا عددهم وانّى أبرء الى الله ورسوله (ص) من ولايتهم وأوالي الله ورسوله (ص) فقال ابن ابىّ : انّى رجل أخاف الدّوائر لا أبرء من ولاية مواليّ فنزلت (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) لرسوله (ص) وللمؤمنين (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) دون الفتح من غنيمة أو إهلاك عدّو أو إهلاك القائلين يكون فيه إعزاز المؤمنين ويظهر به ذلّة الكافرين والموالين لهم (فَيُصْبِحُوا) اى هؤلاء المنافقون في الدّنيا أو في الآخرة (عَلى ما أَسَرُّوا