دون غيره من كونه لم يشرك بالله طرفة عين ولم يعبد وثنا بخلاف غيره ومن دعاء الرّسول (ص) له الى الإسلام وتكليفه (ص) البيعة معه واجابته (ع) له (ص) حين كونه (ع) ابن تسع سنين ، فانّه ان كان في ذلك الزّمان مستعدّا لتعلّق التّكليف به ومستحقّا لدعوة الرّسول وقابلا للتّوبة على يده والبيعة معه ، كفى به شرفا لانّه لا خلاف في انّه اوّل من بايع الرّسول (ص) وانّه كان حين بايع ابن تسع سنين ، وان لم يكن أهلا للدّعوة والبيعة ومع ذلك دعاه محمّد (ص) وبايعه كان مرتكبا للّغو وهو بحكمته الكاملة اجلّ من ان يفعل اللّغو. ومن مبيته على فراش الرّسول (ص) وفداءه بنفسه ليلة المبيت ، ومن استخلافه له بمكّة في اهله ، وفي ردّ أمانات النّاس ، ومن حمله الفواطم ومنهنّ فاطمة بنت رسول الله (ص) بعده الى المدينة ، ومن كونه بمنزله نفسه (ص) كما سبق في آية المباهلة ، ونقلنا هناك اتّفاق الخاصّة والعامّة على انّه لم يكن معه (ص) حين الخروج الى المباهلة أحد من الصّحابة سوى الحسنين وفاطمة وعلىّ (ع) ونقلنا هناك عن بعض مفسّريهم ورواتهم انّه قال : لم يكن معه غير هؤلاء ، وهو يدلّ على انّه لم يكن اعزّ عليه من هؤلاء ؛ والفضل ما شهدت به الأعداء. ومن كونه قتّال ابطال العرب لحماية الدّين ولطاعة سيّد المرسلين (ص) وكفى به فضلا وشرفا ، حيث بذل نفسه وأهلك انانيّته لا مر ربّه وأقدم على ما لم يقدم عليه أحد من اقرانه الّذين أرادوا بالدّين وبالبيعة مع سيّد المرسلين (ص) إبقاء انانيّاتهم وجذب الخير لأنفسهم ، ومن قوله (ص) في حقّه (ع) : لاعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ومن قوله (ص): انّى تارك فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانّهما لن يفترقا حتّى يردا علىّ الحوض ، ولم يدّع أحد من مدّعى الخلافة كونه من أهل بيته ومن عترته ، ومن قوله (ص): انا مدينة العلم وعلىّ بابها ، ومن كونه اعلم الصّحابة وأقضاهم وأشجعهم واغزاهم ، ومن رجوع الخلفاء اليه في معضلاتهم وقولهم : قضيّة ولا بأحسن لها ، صار مثلا بينهم وقد تيمنّت بما ذكرت والّا فمناقبه المشهورة المذكورة بين العامّة والخاصّة قد بلغت من الوضوح مبلغ الشّمس في رابعة النّهار غنيّة عن الوصف والإظهار ، ومن الكثرة بحيث ملأت الخافقين لا يمكن احصاؤها مع انّ أعداءه كتموها حسدا وبغيا واحبّاؤه ضنّة وخوفا. وقد اغنى ابن ابى الحديد الشّيعة عن ذكر مناقبه بما ذكر في شرحه لنهج البلاغة ، وان كان مع اطرائه لم يبلغ قطرة من بحار مناقبه وقد ذكر صريحا وتلويحا مثالبهم في ضمن اوصافهم ، وكان ابن ابى الحديد من مشايخهم وعلمائهم وذكر في شرح نهج البلاغة ما مضمونه : انّ رجلا من أهل البصرة كان يوم الغدير بمشهد علىّ (ع) وسمع من الرّفضة رفض الخلفاء وبعض الصّحابة وسبّهم ومثالبهم ، فرجع الى البصرة ودخل على قاضيها وقال للقاضي رأيت العجب في مشهد علىّ قال : ما رأيت؟ ـ قال : رأيت الشّيعة يسبّون الخلفاء ، قال القاضي : هذا ما علّمهم صاحب القبر ، قال : فما لنا نحبّه ونحبّهم؟! فقام القاضي وخرج من الباب الّذى يلي داره وقال : لعن الله الفاعل ابن الفاعلة ان كان يعلم جواب هذى المسئلة ، فان كان علىّ بإقرارهم علّم شيعته سبّ الخلفاء كان مبغضا لهم فان كنت محبّا له فاقتضاء محبّته ان تبغض الخلفاء وان كنت محبّا لهم فاقتضاء محبّتهم ان تبغض عليّا فما لك تحبّه وتحبّهم ، فاخرج من عصبيّتك وانظر الى آثار كبار ملّتك وخذ من دنياك لآخرتك. وللتيمّن بقوله (ص) في خلافة خليفته (ع) نذكر شطرا من الخطب الّتى خطب بها في حجّة الوداع ، فنقول : نسب الى ابن عبّاس والثّعلبىّ وغيرهما من العامّة انّهم قالوا : انّ الله امر نبيّه ان ينصب عليّا علما للنّاس ويخبرهم بولايته ، فتخوّف ان يقولوا حابى ابن عمّه وان يشقّ ذلك على جماعة من أصحابه ، فنزلت هذه الآية فأخذ بيده يوم غدير خمّ وقال : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، وقرأ الآية ، ونسب الى الباقر (ع) انّه قال : قد حجّ رسول الله (ص) من المدينة وقد بلّغ جميع الشّرائع قومه غير الحجّ والولاية ، فأتاه جبرئيل فقال له يا محمّد