وحدوثه مع قدمه محال ، فلا يكون أحد الثّلاثة ، وهو المطلوب.
ومنها : أنّه تعالى يستحيل أن يحلّ في محلّ ، كما يقول (١) النّصارى : أنّه حلّ في المسيح ، ويستحيل أن يكون في جهة ، كما يقول (٢) المشبّهة (٣) : أنّه حلّ (٤) في جهة فوق العريش (٥) (٦).
والدّليل على استحالة كلّ واحد منهما : أنّه لو حلّ في محلّ أو جهة ، لكان : إمّا أن يكون له احتياج إليهما ، أو لا ، فإن لم يكن له احتياج إليهما لم يحلّ فيهما ، فإنّ المستغني عن الشّيء لا يحلّ فيه ، وإن كان له احتياج إليهما وكلّ واحد منهما بالنّسبة إليه هو غيره ، فيكون محتاجا إلى غيره ، وكلّ محتاج إلى غيره ، فهو ممكن ، فيلزم أن يكون ممكنا ، وذلك محال. وقد ثبت أنّه تعالى واجب ، فلا يكون حالّا في محلّ ولا جهة (٧) ، وهو المطلوب.
ومنها : أنّه تعالى لا يتّحد بغيره ، خلافا للنّصارى ، حيث زعموا أنّه تعالى اتّحد بالمسيح ، ومعنى الاتّحاد ، هو : صيرورة الشّيئين شيئا واحدا ، وذلك محال ، فإنّهما بعد الاتّحاد إن بقيا على ما كانا عليه ، فهما اثنان ، فلا اتّحاد ، وإن عدما ، فلا اتّحاد أيضا ، وإن عدم أحدهما وبقي الآخر ، فلا اتّحاد أيضا ، فإنّ المعدوم لا
__________________
(١) «ج» : تقوله.
(٢) «ج» : تقوله.
(٣) هم : الّذين حملوا الصّفات على مقتضى الحسّ الّذي يوصف به الأجسام ، فقالوا : إنّ لله بصرا كبصرنا ، ويدا كأيدينا ، وقالوا : إنّه ينزل إلى السّماء الدّنيا من فوق فهم يشبّهون صفات الله بصفات المخلوقين ، والمشبّهة أصناف. معجم الفرق الإسلامية : ٢٢٥.
(٤) «ج» : حالّ.
(٥) «ج» : العرش.
(٦) أصول الدّين للبغدادي : ٧٣ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ١٠٣ ، قواعد المرام في علم الكلام : ٧٠ ، إرشاد الطّالبين : ٢٢٩.
(٧) «ج» بزيادة : في.