«وقال زهير بن أبي سلمى :
تداركتما عبسا وقد ثلّ عرشها |
|
وذبيان قد زلّت بأقدامها النّعل» |
أي عزها وملكها.
«وقال رجل من بني كلب :
«رأوا عرشي» أي عزي وسلطاني «تثلّم جانباه» أي تهدم وتخرّم جانباه «فلما أن تثلّم أفردوني» أي خذلوني وتركوني مفردا ، ولا يخفى أنهم لم يريدوا بالعرش في مثل هذا السرير وإنما قصدوا العز والملك وعلوّ المنزلة والشأن.
قال المرتضى في الإيضاح : وسألتم عن العرش وما يقال فيه وأن ملائكة الله تطوف به في السماء.
قال محمد بن يحيى عليهالسلام : ليس يقول بذلك إلّا جاهل غير عارف بلغة ولا مقيم على ذلك بينة ، والعرش فإنما هو الملك والله المالك لما في السموات والأرض ، ليس ثمّ عرش موضوع كما يقول الجهال وإنما أراد عزوجل بالعرش أي ملكه ومقدرته (١) على جميع ما خلق وبرأ ، وقد ثبت عندكم في تفسير العرش لجدي القاسم بن إبراهيم عليهالسلام والهادي إلى الحق رحمة الله عليهم كتابان فيهما تفسير ذلك فاستغنينا بوقوعه عندكم عن إعادته في كتابنا إليكم انتهى.
«ومعنى قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٢) هو تعظيم الملائكة لله سبحانه أبلغ تعظيم بالتسبيح والتقديس على أبلغ الوجوه وهذا اللفظ في حق الله تعالى «مجاز» لأنه «عبّر الله سبحانه عن» هذا الذي ذكرنا وهو «تعظيم الملائكة صلوات الله عليهم له تعالى أبلغ تعظيم» بما يعقل في الشاهد أي «بقوله تعالى (حَافِّينَ) حيث كان» أي من حيث ثبت أنه «لا يعرف المخاطب التعظيم البالغ» أقصى رتبة الكمال «في الشاهد إلّا للملوك» من البشر أولي الأمر والنهي «عند الحفوف» من خدام البشر «بها» أي بالملوك من كل جانب خاضعين لها «وهي على أسرّتها» الأسرّة جمع سرير «فعبر الله
__________________
(١) (أ) وقدرته.
(٢) الزمر (٧٥).