في تأويل قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (١) وسع (٢) علمه السموات والأرض ، وقد أوسع الهادي عليهالسلام في الاحتجاج على أن الكرسيّ هو العلم ، وذكر أن الكرسيّ لإحاطته بالسماوات والأرض كمثل البيضة المشتملة على الفرخ في جوفها ليس فيها صدع ولا ثقب ، قال : وسأذكر لك خبرا مذكورا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أبي ذرّ رحمة الله عليه أنه قال : يا رسول الله : أيّ آية أنزلها الله تبارك وتعالى عليك أعظم؟
قال : «آية الكرسي ، ثم قال : يا أبا ذر : ما السموات والأرض عند الكرسي إلّا كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض .. إلى آخر كلامه عليهالسلام».
وذكر أن هذا الكرسي مثل ضربه الله تعالى لعلمه بالأشياء وإحاطته بجميع ما خلق وقد استوفينا كلامه عليهالسلام في الشرح.
«وقيل : بل» الكرسي عبارة «عن ملك الله تعالى» وقد ورد استعماله بمعنى الملك في قول أسعد تبّع :
ولقد بنت لي عمّتي في مأرب |
|
عرشا على كرسيّ ملك متلد |
أي قديم.
«وقيل : بل») هو «قدرته» أي اقتهاره (٣).
«وقيل : بل» هو «تدبيره» وهذه الأقوال قريبة من الأول إذ علم الله سبحانه وملك الله وقدرته وتدبيره في المعنى سواء لأنها من صفات الله تعالى العظيمة ، وصفات الله هي هو لا غيره والمعنى أنّ هذه الصفات له جل وعلا لا على إضافة شيء إليه وأما قوله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ ...) (٤) الآية فهو على حذف مضاف أي أمر عرش ربك أي أمر ملك ربك وهو ما يتعلق
__________________
(١) البقرة (٢٥٥).
(٢) (ض) أي وسع علمه السموات والأرض.
(٣) (ض) اقتداره.
(٤) الحاقّة (١٧).