لخروجهما عن كونهما قادرين وإن وجد مراد أحدهما دون الآخر مع أنهما مثلان ويشتركان في جميع الصفات فهو (١) محال أيضا لأنه ينقض التماثل وخروج أحدهما عن كونه قادرا لعجزه عن إيجاده مراده «فلو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا» أي السموات والأرض «ولذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض» بقهره إياه ، وفي هذا إشارة إلى دليل السمع وهو يصح الاستدلال به في هذه المسألة اتفاقا والقرآن مملوء بالآيات الناطقة بتوحيد الله تعالى «وإذا لرأينا آثار صنع كل إله» متميزا عن صنع غيره «ولأتتنا رسلهم» إذ لا بدّ للإله من رسول «ولم يقع شيء من ذلك» الذي ذكرناه «فهو» أي عدم وقوعه «إما أن يكون لعدم الآلهة إلّا الله فهو الذي نريد» وهو الذي قضى به العقل والسمع (٢) «أو» يكون «للاضطرار» من بعض الآلهة «إلى المصالحة» خوفا من المنازعة والفساد «أو لقهر الغالب» من الآلهة «المغلوب» منهم «وأيّا ما كان» من الاضطرار والقهر «فهو عجز» من المضطر والمقهور «والعجز لا يكون إلّا للمخلوقين» فهو من خواصهم «إذ هو» أي العجز «وهن العدد والآلات» أي ضعفها والعدد والآلات أعراض وأجسام ، فالأعراض كالشجاعة وقوة القلب وصفاء الذهن وجودة التدبير ، والأجسام كالسلاح والكراع ونحو ذلك ممّا يستعان به على المقاتلة «وليست» أي العدد والآلات «إلّا للمخلوقين» لا للخالق جل وعلا «لما ثبت من غناه سبحانه عن كل شيء بما مر ذكره» من الأدلة على ذلك «وذلك» الذي ذكرناه من العجز «مبطل لكونهم آلهة» وإنّما هي أسماء سموها هم وآباؤهم لا معنى لها «ولأنّ ما ادعوه من الآلهة محدثة» مخلوقة لوضوح آثار التدبير والحدوث فيها «والمخلوق» الذي قد ثبت عجزه «ليس بكفو للخالق» القادر على كل شيء «لكونه» أي المخلوق «مملوكا» مربوبا «والمملوك لا يشارك المالك في ملكه» بل هو وما تحت يده من جملة ملك مالكه.
قال السيد الإمام العلامة المرتضى بن مفضل قدس الله روحه قد ثبت وجود القرآن الكريم وفيه الآيات الكثيرة والدلالات الباهرة المنيرة القطعية
__________________
(١) (ب) وهو.
(٢) (ض) قضى به دليل العقل والسمع.