الثالثة : أن هذه الأقانيم متعدّدة في أنفسها وأعدادها ثلاثة كما سبق وهذه الشرائط الثلاث لا توجد على الكمال إلّا في مذهب الأشعرية فإن ذات الله عندهم هي أصل لهذه المعاني وهي غير متعددة ، وزعموا أيضا أن هذه المعاني متعددة مستقلة بأنفسها ذواتا على انفرادها وهي القدرة والعلم والحياة وغيرها.
وقالوا أيضا : إن هذه المعاني متعددة في أنفسها فبعضهم زعم أنها سبعة ، وزعم بعضهم أنها ثمانية فحصل من هذا (١) أن الشرائط التي اعتبرتها النصارى في قولهم بالأقانيم لا توجد إلّا في مذهب الأشعرية انتهى كلامه عليهالسلام في الشامل.
قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا) (٢) ما لفظه : فإن صحت الحكاية عنهم بأنهم يقولون : هو جوهر واحد ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس ، وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات ، وبأقنوم الابن العلم ، وبأقنوم روح القدس الحياة فتقديره الله ثلاثة وإلّا فتقديره الآلهة ثلاثة ، والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة ، وأن المسيح ولد الله من مريم ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (٣) (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (٤).
والمشهور المستفيض عنهم أنهم يقولون في المسيح : لاهوتيّة وناسوتيّة من جهة الأب والأم انتهى.
«قلنا :» في الرد على من زعم أن مع الله إلها آخر وجميع المخالفين في المسألة «من لازم كل كفوين» أي مثلين. «اختلاف مراديهما» (٥) فيصح أن يريد أحدهما تسكين الجسم في حال ما يريد الآخر تحريكه. فأمّا أن يوجد مرادهما ويجتمع الضدان وهو محال وأمّا أن لا يوجد مراد واحد منهما وهو محال
__________________
(١) (أ) من هذه الشرائط. (ب) من هذه أن الشرائط.
(٢) النساء (١٧١).
(٣) المائدة (١١٦).
(٤) التوبة (٣٠).
(٥) (ض) صحة اختلاف مراديهما.