قال الإمام يحيى عليهالسلام في الشامل : وهذا القول إنما قرروه على ما حكيناه من مذهبهم أنهم مطلعون على العلم بحقيقة ذات الله تعالى وصفاته ويعلمون منه ما يعلمه من نفسه.
قال : وهذا خطأ وهجوم على أمر عظيم من غير بصيرة.
قال : والمختار عندنا : أنه لا يمتنع اختصاص الله تعالى بأوصاف غير متناهية لا نطلع على شيء منها. انتهى.
قال الإمام عليهالسلام : قال «الإمام يحيى» بن حمزة «وأبو الحسين البصري» من المعتزلة «وضرار» بن عمرو «وحفص الفرد» من المجبرة : «وله تعالى ماهيّة يختص» هو تعالى «بعلمها» ولا نعلمها نحن.
«قلنا : الماهيّة ما يتصور في الذهن» والتصور لا يعقل إلّا لما يدرك بالحواس وما يلحق بها «وقد امتنع أن يتصوره تعالى الخلق حيث لم يتمكنوا إلّا من تصور» الجسم أو العرض وهما من خواص «المخلوقات اتفاقا بيننا وبينهم» فإنه لا يصح التصور إلّا للجسم أو العرض «وعلم الله» أي علمنا بالله «سبحانه» وما يحق له «ليس بتصور» منا لحقيقته تعالى لأن التصور هو ارتسام صورة الشيء المتصور في الذهن وذلك مستحيل في حق الله تعالى «اتفاقا كذلك» أي بيننا وبينهم.
واعلم أن الإمام يحيى عليهالسلام لم يرد هذا وقد صرح به في كتابه وإنما أراد أن الله سبحانه وتعالى يعلم من ذاته ما لا نعلم عكس قول أبي هاشم الذي سيأتي إن شاء الله ، وقد بسطنا الكلام في الشرح ، ولعل أبا الحسين وضرارا وحفصا لم يريدوا إلّا ذلك أيضا والله أعلم. «فإن أرادوا» أي الإمام يحيى ومن معه «بذلك» الذي ذكروه «ذاتا لا يحيط بها المخلوق علما فصحيح» أي فقولهم حق وهو الذي أرادوه كما عرفت.
وقال «أبو هاشم مقسما» أي حال كونه مقسما بالله سبحانه «أنه ما يعلم الله من ذاته جل وعلا إلّا مثل ما يعلم هو» أي مثل ما يعلم أبو هاشم.
«قلنا :» هذا غلو وخروج عن حد العقل وارتكاب لأمر عظيم بغير بصيرة وقد «قال تعالى : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ