ربنا جل وعلا وذلك «كالصّعق» فإنه في الأصل صفة «كان عامّا لكل من أصابته الصاعقة» وهي المهلكة من ريح أو غيرها «ثم اختص» أي لفظ الصعق لأجل الغلبة وكثرة الاستعمال «برجل» واحد فصار لا يفهم من إطلاق لفظ الصعق إلّا ذلك الرجل وهو خويلد بن نفيل احتملته الريح فذهبت به فمات قال الشاعر :
وإنّ خويلدا فابكي عليه |
|
قتيل الريح في البلد التهامي |
«قلنا : ابتداء جعلها» أي الجلالة «للباري سبحانه وتعالى اسما وقت الشرك به» جل وعلا من الكفار «قريب من دعوى علم الغيب» الذي لا يعلمه إلّا الله سبحانه فمن أين لهم أنه جل وعلا لم يسمّ بهذه اللفظة الشريفة قبل خلقه للكفار «بل الأظهر أنها اسم له تعالى قبل ذلك» يدعوه بها الملائكة المقربون وغيرهم ممن خلق الله سبحانه وتعالى بإلهام الله سبحانه لهم إلى ذلك وتعليمه إيّاهم.
«وواحد وأحد اسمان له تعالى بإزاء مدح إذ هما بمعنى المنفرد بصفات الإلهية» التي لا يشاركه فيها أحد (١).
أعلم : أن لفظ أحد وواحد يستعمل في معان قد يراد بهما واحد العدد وقد يراد بهما ما لا يقبل التّجزي والانقسام ، وهذان المعنيان مستحيلان في حقه تعالى ، وقد يراد بهما المختص بصفات الكمال أو بعضها على حد يقل المشاركة له فيها كما يقال : فلان وحيد عصره ، وهذا أيضا مستحيل في حقه تعالى.
وقد يراد بهما واحد القدم والإلهيّة المستحق للعبادة وهو المنفرد بصفات الكمال على حد يستحيل أن يشاركه فيها مشارك ، وهذا المعنى هو الذي يجوز إطلاقه على الله تعالى.
«ولا يجوز أن يكونا له» جل وعلا «بمعنى أول العدد لعدم تضمنه المدح» كما ذكرناه آنفا ، ولأنه يلزم منه التشبيه لاقتضائه التناهي والتحديد.
__________________
(١) (ض) مشارك.