في حق غير الله تعالى لأنّ معناه كمعنى موجود في الأزل «لا بقديم» فلا يختص به تعالى بل يجوز إطلاقه على غيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى الآن.
«خلافا لقوم في الطرفين :» ..
أما الطرف الأول : فقال من أثبت الذّوات في العدم لا يختص الله سبحانه بثابت في الأزل لأن سائر الذوات ثابتة في الأزل وفرقوا بين الثبوت والوجود وقد مر الكلام عليهم.
وأما الطرف الثاني : فقال أبو علي الجبّائي : لا يجوز إطلاق لفظ قديم إلّا على الله إذ معناه هو الموجود في الأزل ، وجعل قوله تعالى : (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) من قبيل التوسع والتجوز ، وخالفه ابنه أبو هاشم فقال : معناه المتقدم على غيره في الوجود وهو الصحيح.
«قلنا : لم تثبت الأشياء» التي هي «غيره تعالى في الأزل» ولم توجد وهذا في الطرف الأول.
«و» أما في الطرف الثاني (١) : فلنا : «قوله تعالى : (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٢) فوصف العرجون بالقدم وهو عود عذق النخل ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة.
«و» لنا أيضا «ثبوت نحو : رسم قديم» وبناء قديم «بين الأمّة بلا تناكر» فلو كان مختصا بالله لأنكر ذلك العلماء ، ولم يجمعوا على جوازه.
وأما قول من قال : إن ذلك توسّع ومجاز : فهو مخالف لما ثبت بين المسلمين من التخاطب به في غير الله بلا قرينة.
وإلى هنا انتهى بنا الكلام في القسم الأول من أقسام هذا الكتاب المبارك ونشرع في القسم الثاني بمعونة الله سبحانه ، وهو الكلام في عدل الله سبحانه وتنزيهه وتقديسه عن الجور ونحو ذلك.
__________________
(١) (ض) فقال عليهالسلام لنا.
(٢) يس (٣٩).