«قلنا : يلزم أن يفعل الله تعالى» القبائح من «نحو الكذب» والظلم وغيرهما وهم يلتزمونه ولا يسمونه ظلما ولا قبيحا «لأنه تعالى غير مربوب» وحينئذ «فلا وثوق بخبره» لجواز أن يكون كذبا «وذلك كفر شرعا» أي بحكم الشرع «لردّه» أي لأن هذا القول يردّ «ما علم من الدين ضرورة» من كون خبره صدقا لا ريب فيه ، ومن ردّ ما علم أنه من الدين ضرورة فلا شك في كفره إجماعا.
قال «أئمتنا عليهم» «السلام وموافقوهم :» كأبي عبد الله البصري وغيره : «ويحسن الفعل» عقليّا كان أو شرعيّا «إذا عري عن وجه القبح» إذ لا واسطة بين القبيح والحسن وقال أبو علي وأبو هاشم : يحسن الفعل لوقوعه على وجه وهو كونه للنفع أو لدفع الضرر أو الاستحقاق.
قال الإمام يحيى عليهالسلام : وهذا الخلاف عندي ليس له جدوى ولا فيه فائدة فإنهم متفقون من جهة المعنى لأن الشيخين أبا علي وأبا هاشم يعتبران أنه لا بد من وجه يحسن الفعل لأجله ويشترطان فيه أنه لا يضايفه وجه قبح ولهذا قالا : إن القبح والحسن متى اجتمعا في فعل فالغلبة للقبح وهذا بعينه قول الشيخين أبي عبد الله وأبي إسحاق وقاضي القضاة فإنهم يعتبرون أنه لا بدّ فيه من غرض يتعرّى به عن سائر وجوه القبح فثبت بما ذكرنا أنه لا نزاع بينهم من جهة المعنى انتهى.
وقال بعض «البغدادية» من المعتزلة» وموافقوهم» من سائر الفرق «والمجبرة» جميعا : «بل» إنما يحسن الفعل «لإباحة الشرع» الفعل «في حق العبد» ولا حكم للعقل في تحسين ولا تقبيح كما سبق ذكره وتكرر.
وقد عرفت بما تقدم أن كلام البغدادية إنما هو في مطلق الأفعال التي ليس لها جهة حسن ولا قبح ظاهرين كما مرّ ، لأنهم لا يخالفون أن ابتداء الإحسان وصنائع المعروف حسنة بحكم العقل من غير نظر إلى أذن الشرع وإباحته.
وأما في حق الله تعالى فقالت «الأشعرية» ويحسن الفعل «لانتفاء النهي في حق الله تعالى».