قالوا : فلمّا كان تعالى هو الآمر النّاهي ولا يأمره تعالى ولا ينهاه أحد كانت أفعاله كلها حسنة وقد تقدمت رواية السيد الشريف عن أكثر الأشعرية أن القبيح عندهم ما نهى عنه الشرع والحسن بخلافه فعلى هذا يكون ما سكت عنه الشرع حسنا عندهم والله أعلم.
وقال «بعض المجبرة : بل» يحسن الفعل منه تعالى «لكونه ربّا» فله أن يفعل في المربوب ما شاء وهذا «في حقه تعالى» وأما في حق العبد فلإباحة الشرع كما سبق.
وقالت «المجبرة جميعا» ويفعل الله تعالى عن ذلك نحو الكذب» وسائر المقبّحات عموما ، قالوا : ولا يقبح ذلك منه.
واختلفوا في العلّة على حسب اختلافهم في قبح الفعل من العبد : فقيل : «لعدم النهي» وهذا «عند الأشعرية، وقيل : لكونه ربّا» وهذا «عند غيرهم» أي غير الأشعرية وهم القائلون : بأن الفعل يقبح من العبد لكونه مربوبا.
ولقد أعظموا قاتلهم الله الفرية على الله جل وعلا حيث جعلوا القبائح مستقبحة عندهم من المخلوق الذي يفعلها لحاجته وشهوته ولم يجعلوها قبيحة في حق الخالق الذي لا تجوز عليه الحاجة ولا الشهوة ولا يفعل خلاف ما تقتضيه الحكمة تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا.
«قلنا :» ردّا عليهم : «لا يفعل الله» عزوجل «ذلك» الذي افتريتموه على الله تعالى كذبا من الكذب ونحوه «لكونه صفة نقص» في غيره (١) تعالى فكيف في حقه «تعالى الله عنها ويلزم أن لا يوثق بخبره» تعالى لتجويز كونه كذبا «وذلك تكذيب لله تعالى حيث يقول» في كتابه الكريم (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) (٢) وقوله تعالى» في وصفه (٣) كتابه الكريم : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِه «تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤) ومن سبّ الله
__________________
(١) (ض) في حق غيره تعالى.
(٢) البقرة (١ ، ٢).
(٣) (نسخة) في صفة (ض) في وصف.
(٤) فصلت (٤٢).