شبيب» وهما من المعتزلة : «بل» الله تعالى يحدث الجسم» بعرض يسمونه إرادة بها يوجد المراد «و» كذلك الإفناء فإنه بزعمهم «يفنيه بعرض» يسمونه الفناء يخلقه الله لإفناء الجسم وإعدامه ثم اختلفوا :
فقالت «البصرية» وذلك العرض «لا محلّ له» أي لا يحل في شيء قالوا : ليكون وجوده على حدّ وجود العالم لا في محل.
وقال «ابن شبيب» بل : «يحل في العالم» في الوقت الأول «عند فنائه ، ويذهب» في الوقت الثاني.
وقال «أبو الهذيل» محمد بن الهذيل : «بل» الله يوجد الجسم أو يفنيه «بقوله كن» وبقوله افن اغترارا بظاهر قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١) وقاس عليه الفناء. «قلنا :» ما ذكرتموه باطل قطعا لا دليل عليه من عقل ولا سمع ولأنه «يستلزم الحاجة» على الله تعالى «إليه» أي إلى ذلك العرض «لإحداث الأجسام» وإفنائها والله سبحانه لا تجوز عليه الحاجة ، «وإن سلّم» لهم ما ذكروه من المحال «فلا يعقل عرض لا محلّ له» وما لم يعقل ولم يقم عليه دليل وجب نفيه.
فإن قيل : قد ثبت أن العالم لا في محل فيكون هذا العرض مثله.
قلنا : قد ثبت بالدليل القطعي حدوث العالم وكل شيء سوى الله وكان الله ولا مكان فاستحال أن يخلق الله العالم في مكان ، إذ لو كان العالم في مكان لاستحال حدوثه ولاحتاج المكان إلى مكان والمكان الآخر إلى مكان وتسلسل وهو محال.
وأما ما قاله أبو الهذيل : من أنه يوجد الجسم أو يفنيه بقوله كن أو افن فليس على ما توهّمه بل «القول» الذي ذكره الله تعالى في الآية تمثيل «عبارة عن إنشائه تعالى للمخلوق» وإحداثه له في أسرع من طرفة عين من غير أن يكون هناك قول مقول فعبّر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بما يفهمه المخاطب من امتثال أمر الآمر المطاع وحصول مراده عقيب قوله : افعل من غير تراخ.
__________________
(١) يس (٨٢).