والأشعرية فقالوا : القدرة موجبة للمقدور فلا يصح أن توجد القدرة من دون وجود المقدور.
«لنا» عليهم «ثبوت الاختيار للفاعل المختار» إن شاء فعل وإن شاء ترك وذلك معلوم «ضرورة» أي بضرورة العقل «والإيجاب» أي إيجاب القدرة للمقدور «ينافيه» أي ينافي الاختيار من الفاعل المختار.
أما المكره على الفعل والملجأ إليه فإنه يسمى فاعلا له حقيقة ولكنه لا حرج عليه في الفعل لأجل الإكراه.
قالت «العدلية : وهي» أي القدرة «متقدّمة على الفعل» لاحتياج الفعل إليها.
وقالت «الأشعرية» وكذا النجارية : «بل» هي «مقارنة للفعل» الذي هو المقدور.
«قلنا : محال إذ» مع المقارنة «ليس إيجاد أحدهما» وهو المقدور مثلا «بالآخر» وهو القدرة مثلا «بأولى من العكس» وهو إيجاد القدرة بالمقدور إذ لا مخصص لتقارنهما في الوجود.
وأيضا لو كانت مقارنة لم يتعلق الفعل بالفاعل لأنه قبل وجود القدرة غير قادر لعدم القدرة وبعد وجودها لا اختيار له فيه لأنه قد وجد معها وهو ردّ لما علم بضرورة العقل من تعلّق الفعل بالفاعل مع كونه أيضا تكليف ما لا يطاق وذلك كفر.
واعلم : أن القدرة في العبد عرض خلقه الله سبحانه فيه لينتفع به الحي في معاشه وتصرفه في جميع جوارحه كحاسّة اللّمس.
قال الإمام المهدي عليهالسلام حكاية عن بعض المعتزلة : وهي غير الحركة والسكون وغير الحياة وغير الصحة والسلامة.
قالت «العدلية» جميعا : «والله خلق للعباد قدرة يوجدون بها أفعالهم على حسب دواعيهم وإرادتهم» وذلك معلوم بضرورة العقل والمشاهدة لا ينكره العقلاء.