واعلم أنه تصح التوبة من المتولد بعد وجود سببه وإذا صحت وجبت لأنها من الواجبات المضيّقة.
وقال عبّاد : لا تصح إلّا بعد وقوعه.
قلنا : ما وجد سببه كالواقع إذ يخرج عن كونه مقدورا.
وقال «أبو علي» الجبائي واسمه محمد بن عبد الوهاب :
«لا متولد في أفعال الله تعالى لاستلزامه الحاجة» على الله تعالى إلى السبب المولّد للفعل وتجويز الحاجة عليه تعالى محال.
ويجعل حركة السفن ، والأشجار ونحوها مبتدئات.
«قلنا : لا يستلزم الحاجة إلّا حيث كان الله تعالى لا يقدر عليه إلّا به» أي بالسبب المولد له «والله تعالى يقدر عليه» أي المتولد «ابتداء» من غير سبب «فهو تعالى فاعل مختار» قادر على تحريك الشجرة والسفينة بغير رياح كما يحركهما برياح فلم يستلزم الحاجة «و» لنا ردّا وحجة «قوله تعالى (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) (١) فنسب الإثارة إلى الرياح لكونها سببا.
وقوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) (٢) وغير ذلك.
واعلم : أن السبب والمسبب قد يتفقان في الحسن والقبح وقد يختلفان ولا يلزم اتفاقهما في ذلك إلّا إذا اشتركا في القصد بأن يقصد بفعل السبب فعل المسبب.
(فصل)
قال العدلية كافة : «والقدرة» وتسمّى قوة وطاقة واستطاعة «غير موجبة للمقدور» لأن الله خلقهما للعبد (٣) كالآلة للفعل فلا تأثير لها في وجود الفعل البتة فيصح أن توجد القدرة ولا يوجد الفعل كما توجد الآلة ولا يوجد الفعل لأن وجود الفعل بالفاعل «خلافا للمجبرة» الذين أثبتوا للعبد قدرة كالنجارية
__________________
(١) الروم (٤٨).
(٢) الشورى (٣٣).
(٣) (ض) لأن الله جعلها للإنسان.