تنويرا» في قلوبكم أي زيادة في العقول «تفرقون به بين الحق والباطل» وتأييدا على فعل الطاعات واجتناب المقبّحات وروي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : «ألا إنه من زهد في الدنيا وقصّر فيها أمله أعطاه الله علما بغير تعلّم وهدى بغير هداية ألا ومن رغب في الدنيا وأطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها».
«و» قد يكون الهدى «بمعنى الثواب» كما «قال تعالى» : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (١).
«أي يثيبهم» ربهم بسبب إيمانهم «في حال جريّ الأنهار» من تحتهم ، والمعنى : أنه أوصلهم إلى مطلوبهم وقضى لهم بالفوز فيما أعطاهم وأكرمهم ومن ذلك :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) (٢).
كذا ذكره الإمام يحيى عليهالسلام قال : ومتى جرى في كلام أصحابنا أن الهدى يستعمل في معنى الإثابة فهو تقريب ، والتحقيق : أنه بمعنى الظفر بالبغية والفوز بالمطلوب لأن غرضنا بيان معانيها اللغوية والمستعملة في لسانهم ولم يكونوا مقرّين بالمعاد الأخرويّ ولا قائلين بثواب ولا عقاب وقيل : معنى الآية الأولى (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) أي يسدّدهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك السبيل المؤدّي إلى النعيم وجريّ الأنهار من تحتهم لأن التمسك بسبب السّعادة كالوصول إليها.
«و» قد يكون الهدى «بمعنى الحكم والتسمية كما قال الشاعر :
ما زال يهدي قومه ويضلّنا |
|
جهرا وينسبنا إلى الفجّار» |
أي يحكم على قومه بالهدى ويسمّيهم به ويحكم علينا بالضلال ويسمينا
__________________
(١) يونس (٩).
(٢) النحل (١٠٤).