رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (١) أي ألزم وحكم.
وتقول : قضى القاضي بكذا أي حكم وألزم.
«و» قد يكون «بمعنى الإعلام» والإنهاء «كما قال تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (٢) أي أعلمناهم وأنهينا إليهم ذلك.
ومنه : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ ..) الآية (٣).
وقد يكون بمعنى الفراغ تقول : قضيت حاجتي وضربه فقضى عليه أي قتله كأنه فرغ منه ، وسمّ قاض أي قاتل ، وقضى نحبه أي مات.
وقد يكون بمعنى الأداء تقول : قضيت ديني.
إذا عرفت ذلك «فيجوز أن يقال : الطاعات بقضاء الله بمعنى إلزامه» وحكمه بوجوبها على عباده «لا بمعنى خلقها» فلا يجوز لأنها فعل العبيد وخلقهم لا فعله كما تقرر» خلافا للمجبرة» كما عرفت من مذهبهم.
«قلنا : صحة الأمر بها والنهي عن تركها ينافي خلقه لها» علم ذلك «ضرورة» فلو خلقها لم يأمر بها ويعدهم على فعلها الثواب العظيم ولم ينههم عن تركها ويتوعدهم على ذلك بالعذاب (٤) الأليم «وأيضا هي» أي الطاعات «تذلّل من العبد لمالكه» وهو الله رب العالمين «فيلزم» حيث جعلوها خلقا لله تعالى «أن يجعلوا الله متذلّلا» لفعله التّذلّل «وذلك كفر» لا ريب فيه.
قالت «العدلية : ولا يجوز» أي يقال : «المعاصي» بقضاء الله بمعنى «خلقها» في العباد «بقدرته وألزم بها» لأن الله جل وعلا لا يفعل القبيح ولا يأمر بالفحشاء «خلافا للمجبرة» كما (٥) قد عرفت من مذهبهم.
«لنا» عليهم «ما مر».
__________________
(١) الإسراء (٢٣).
(٢) الإسراء (٤).
(٣) الحجر (٦٦).
(٤) (ض) ويعدهم على ذلك العذاب الأليم.
(٥) (أ) لما قد عرفت و (ب) كما عرفت.