أن القدرية مجوس هذه الأمة ، واتفق أهل الملّة على صحة هذا الخبر واختلفوا فيمن أراده الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الخبر : فقالت «العدلية» كافة : «والقدرية» الذين أرادهم النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم «هم المجبرة».
والمجبرة : كل من زعم أن المكلف لا اختيار له في فعله وأنه مجبور عليه مخلوق فيه.
وقالت المجبرة : بل المراد بهذا الخبر من أثبت للمكلفين أفعالا ولم يجعل أفعالهم خلقا لله تعالى وهم العدلية.
وروى الحاكم في السفينة عن يونس أنه قال : كان اسم القدرية اسما لنا فنبزنا به المعتزلة وأعاننا السلطان على ذلك فسمّونا باسم شرّ من ذلك وهو المجبرة انتهى.
وإنما كان القدرية الذين لعنهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذمّهم هم هؤلاء المجبرة دون العدلية : «لأنهم يقولون : المعاصي بقدر الله» أي حصلت بخلقه وتكوينه.
«ونحن ننفي ذلك» عن الله سبحانه وتعالى وننزهه عنها وعن فعل كل قبيح تعالى الله ربّنا وتقدّس عمّا يقول الكافرون علوّا كبيرا.
وكذلك كل طاعة له جل وعلا فإنما فعلها العبد باختيار نفسه بما ملّكه الله سبحانه من القوّة والقدرة على أن يفعل وأن لا يفعل كما قال جل ثناؤه : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١) (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢).
«والنّسبة في لغة العرب من الإثبات لا من النّفي».
فيقولون : هاشميّ لمن أثبت نسبه إلى هاشم ، وأمويّ لمن أثبت نسبه إلى أميّة ونحو ذلك.
__________________
(١) البلد (٨ ـ ١٠).
(٢) الأنفال (٤٢).