بعض المؤمنين في الدنيا لمصحلة إمّا بالآلام أو نحوها فيكون كلام الإمام عليهالسلام قريبا من قول الجمهور في ذلك والله أعلم.
«وكقول الوصي صلوات الله عليه : «جعل الله ما تجد من شكواك حطّا لسيّئاتك .. إلى قوله : وإنما الجزاء على الأعمال» أو كما قال» وقد تقدم ذكر لفظه عليهالسلام ، وفيه تصريح بعدم الثواب على الألم ، وأمّا حصول مصلحة غير ذلك للمؤلم فلا مانع منه لسعة رحمة الله وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «إذا أحبّ الله عبدا وأراد أن يصافيه صبّ الله عليه البلاء صبّا وثجّه عليه ثجّا ، فإذا دعا العبد فقال : يا ربّاه قال : لبيك عبدي لا تسألني شيئا إلّا أعطيتك إمّا أن أعجّله لك وإمّا أن أدّخره لك» والله أعلم.
«وهو» أي قول الوصي عليهالسلام «توقيف» أي لا مجال للاجتهاد (١) فيه فهو مما قاله الرسول الصادق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله عن الله عزوجل.
«وله» أي للمكلف «على الصّبر عليه» أي على الألم «والرّضى به» وعدم السخط الموجب للإحباط «ثواب» من الله سبحانه وتعالى «لا حصر له» أي لا يحصر بحساب لكثرته فلا يعلمه إلّا الله سبحانه وتعالى «لأنهما» أي الصّبر والرّضى «عمل لقوله تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢).
«وقوله تعالى : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ...) الآية (٣).
فنبّه الله سبحانه في هاتين الآيتين على أن الصّبر والرّضى عمل بقوله تعالى : (أَجْرُهُمْ) لأنّ الأجر لا يكون إلّا على العمل ، وبقوله تعالى قالوا : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) على الرّضى ، لأنّ المعنى : رضينا بحكم الله فينا لأنّا عبيده يفعل بنا ما يشاء لأنه الرب المالك ليس لنا إلّا فضله ، والصّبر والرّضى من أفعال القلوب وثوابهما أعظم من ثواب سائر الأعمال.
__________________
(١) (ش) للعقل.
(٢) الزمر (١٠).
(٣) البقرة (١٥٦ ، ١٥٧).