قال في البرهان : المبعوث عليهم في المرّة الأولى جالوت ، وقيل بخت نصر ، وفي المرة الثانية بخت نصر.
وفي الكشاف قال أولاهما قتل زكريا عليهالسلام وحبس إرميا حين أنذرهم سخط الله.
والآخرة : قتل يحيى بن زكريا وقصد قتل عيسى ابن مريم عليهالسلام والعباد الذين ذكرهم الله في الآية : سنحاريب وجنوده ، وقيل بخت نصر. وعن ابن عباس جالوت قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخرّبوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفا.
قال فإن قلت : كيف جاز أن يبعث الله الكفرة على أولئك ويسلطهم عليهم؟
قلت : معناه خلّينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم كقوله تعالى (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
قلت : وهو الحق ومثله ذكر الهادي عليهالسلام في تفسير قوله تعالى (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ ...) الآية (٢).
«وإن كان» المجنيّ عليه «غير مكلّف» كالصّبيان والمجانين وسائر الحيوانات مع كون الجاني متعدّيا ولم يتب «فلمصلحة» أي فلا بدّ من مصلحة للمجني عليه «يعلمها الله تعالى له» أي لغير المكلف كما مرّ ذكره في الألم الحاصل من الله تعالى على غير المكلّف ، وإنما كان كذلك «للتخلية» من الله سبحانه بين الجاني والمجني عليه وهي حسنة من الله سبحانه ، وإن كان الفعل من جهة الجاني قبيحا.
«ولعدم أعواض الجاني كما مرّ» من أنّ ذا الكبير لا عوض له لمنافاته
__________________
(١) الأنعام (١٢٩).
(٢) مريم (٨٣).