الجاني : «إن جعل له أعواضا» من بعد توبته «أو من أحد نوعي الثواب وهو النعم» أي المنافع والملاذ والمشتهيات «دون التعظيم» وهو الإجلال برفع المنازل ونحو ذلك لأنّ الثواب نوعان : نعم وتعظيم.
وقال «جمهور المعتزلة : لا يجوز إلّا من أعواضه» أي أعواض الجاني ولا يجوز أن يقضي الله عنه ولا من أحد نوعي الثواب «كما لا يسقط الأرش بالعفو عن الجاني» فيما يجب فيه القصاص.
وقال أبو القاسم «البلخي» وروي عن ابن الملاحمي وغيره : «لا يجوز إلّا الأول» وهو أن يقضي الله عنه لأن التوبة صيّرت الفعل كأن لم يكن «وكما لا يعاقبه» على الذنب الذي تاب منه لا ينقصه شيئا من أعواضه بسببه.
قال عليهالسلام : «قلت وبالله التوفيق : لا مانع من تفضله تعالى بالقضاء كالمتفضل» من بني آدم على غيره «بقضاء الأرش» عنه «وقد حصل الإنصاف» بذلك «لأنه عن الجناية» التي وقعت من التائب «ولا موجب» لأن يقضي الله عنه «مع وجود ما يقضي» من أعواض الجاني لأن جنايته توجب عليه حقين : حق للمجني عليه وحق لله سبحانه فجاز الأمران.
واعلم : أن الغمّ كالألم في جميع ما مرّ ، فما كان سببه من الله ففيه ما مرّ وما كان سببه من العبد فكما مرّ [أيضا في جناية المكلف].
«وإن كان الجاني غير مكلف» كالصبيان والمجانين والبهائم فكأنها من الله سبحانه بسبب التخلية «فللمجني عليه ما مر على التفصيل» وهو إما مصلحة يعلمها الله له أو الاعتبار أو تحصيل سبب الثواب أو حط الذنوب أو لمجموعها ، وإن كان ذا كبيرة فتعجيل عقوبة أو لاعتبار نفسه أو لمجموعهما لا للعوض «لسلبها العقول المميزة» بين الحسن والقبيح والمنفعة والمضرة «مع التخلية» أي وخلى الله سبحانه بينها وبين المجني عليه ومكنها من الجناية بأن جعل لها قوة ولم يمنعها.
«والتمكين منه تعالى» لها «كالإباحة».
«وفي بعض النسخ : لأنّ سلبها العقول المميّزة مع التخلية والتمكين