وقال «أبو هاشم لا يصح بالجميع» لا الظني ولا القطعي لا من الكتاب ولا من السنّة «مطلقا» أي أثار أو لم يثر قال : لأن ذلك فرع على ثبوته تعالى وعلى صدق قوله.
«قلنا» جوابا على مخالفينا «ذلك» أي الاستدلال بالآيات المثيرة «دليل» واضح «على أقوى طرق الفكر الموصل إلى العلم اليقين بالمطلوب حيث ذكّرنا» أي ذلك الاستدلال «إيّاها» أي طرق الفكر القويّة ، ولو سلكنا غير هذه الطريق التي نبهتنا عليها الآيات المذكورة لما كان ذلك مثلها في الوضوح واليقين «فهو» أي الاستدلال بالآيات المذكورة «دليل بالتدريج» وهي كونها منبهة على أقوى طرق الفكر فهي في الدرجة الأولى في الدلالة وصحّ (١) إطلاق اسم الدلالة عليها «كالدليل على كونه تعالى حيّا» فإنه دليل بالتدريج عند أبي هاشم وهو كونه قد صحّ منه الفعل ، وصحة الفعل مترتبة على كونه تعالى قادرا ، والقادر لا يكون إلّا حيّا ، فصحة الفعل درجة أولى والقدرة درجة ثانية ، وهذا ردّ على أبي هاشم ومن تبعه.
وأما الرد على غيره : فقد أوضحه عليهالسلام بقوله :
«والظني إن كان كذلك» أي مثيرا ومنبّها (٢) للعقل «فصحيح» أي القول بصحة الاستدلال به على التدريج الذي ذكرنا صحيح «و» أمّا «غير المثير» فهو «دور» لتوقف معرفة الآيات غير المثيرة والانقياد لحكمها على معرفة الله سبحانه ، والفرض أن معرفة الله سبحانه إنما حصلت بها وهذه حقيقة الدور. إلّا أن يقال : إن أصل معرفته تعالى جملة ضرورية كما سبق.
وقد قال القاسم بن علي العياني عليهالسلام في كتاب الأدلة من القرآن على توحيد الله وصفته : ولا بدّ من معارض لنا في علم القرآن ممن اكتفى بأفانين الكلام ، وجعل من ذلك دليلا على الرحمن يقول : إن القرآن لا يغني علمه عن النظر فإذا قال ذلك قائل قلنا : فالنظر دلّتك عليه نفسك أم دلّك عليه خالقك في منزل كتابه ، فإن قال : إن نفسه دلته على ذلك من قبل دلالة
__________________
(١) (ب) فصحّ.
(٢) (ض) أي مثيرا أو منبها للعقل.