«إلّا أن يكونا» أي الدليل المبطل به والمبطل بفتح الطاء فيهما «في طرفي نقيض» أي كان أحدهما يقتضي نقيض الثاني بحيث «إذا بطل أحدهما ثبت الآخر» كإبطال شبهة من جوّز الرؤية على الله تعالى ، وإبطال شبهة من زعم قدم العالم ، فإنه إذا بطل ثبوت الرؤية ثبت عدمها ، وإذا بطل قدم العالم ثبت حدوثه «وإن تضمّن» أي المبطل به «إثبات خلافه» أي المبطل بفتح الطاء «تعين كونه شبهة وتعين خلافه» نحو أن يستدل أبو حنيفة على أن الوليّ غير شرط في النكاح بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «الثيّب أحقّ بنفسها ..» الخبر.
فينقض ذلك بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «لا نكاح إلّا بوليّ وشاهدي عدل» ونحو ذلك.
قال «أئمتنا عليهمالسلام والجمهور» من العلماء «ويصح الاستدلال على ثبوت الباري تعالى» ووجوده «بالآيات المثيرة» أي المظهرة «لدفائن العقول» أي لما كان مدفونا ومرتكزا في العقول «وهي زهاء» أي قدر وحول «خمسمائة آية» من القرآن الكريم ، وقد ذكر من ذلك القاسم والهادي وغيرهما من الأئمة عليهمالسلام كثيرا وهي مع دلالتها على الذات تدل على الصفات وإن كان الاستدلال بها على صفات الأفعال يصح بلا خلاف.
وقال «أبو رشيد» وهو سعيد بن محمد النيسابوري «وبعض متأخري صفوة الشيعة» أي بعض الزيدية من الشيعة : «يصح» الاستدلال على ثبوت الباري تعالى «بالقطعي» من الآيات والسنة «مطلقا» أي سواء كان مثيرا لدفائن العقول أو لا.
وقالت «الإمامية والبكرية» من المجبرة وهم الذين اختصوا بأن الطفل لا يتألّم ، وأن إمامة أبي بكر منصوص (١) عليها نصّا جليّا وهم أصحاب بكر بن عبد الواحد «وبعض المحدثين» أي أهل علم الحديث «و» يصح الاستدلال على ثبوته تعالى «بالظني مطلقا» من الآيات وغيرها مثيرا وغير مثير.
__________________
(١) (أ) منصوصة (وناقص) عليها.