ومثال الثاني : أن يستدل الخصم على جواز أكل القريّط بظاهر قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (١) فيبطل قوله بالقياس على الخمر بجامع الإسكار ، والقياس وإن أفاد الظن في بعض الصور فإنه قد دل الدليل القاطع على وجوب العمل به كما هو مقرر في موضعه «لا بغيرهما» أي لا بغير الدليل القطعي ، والدليل (٢) الذي يستلزمه الخصم أو يدل على صحة كونه دليلا قاطع من سائر الأدلة التي ليست قطعية ولا يستلزمها الخصم ولا يدل على صحة كونها دليلا دليل قاطع مثاله : الاستدلال على وجوب الزكاة في القليل والكثير بالآية (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (٣) وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «فيما سقت السماء وأنبتت الأرض : العشر».
فينقضه الخصم بخبر الأوساق ، فإن للخصم أن يقول خبر الأوساق آحادي وإن فرضنا صحته فلعله متقدم فيكون منسوخا وليس من مذهبي بناء العام على الخاص فيما التبس أيهما المتقدم ونحو ذلك.
«فإن كان» الدليل «المبطل به» بفتح الطّاء دليل الخصم «مانعا لكون المبطل» بفتح الطاء أيضا «حجة» للخصم ودليلا له «ولم يتضمن» أي ذلك الدليل الذي أبطل به دليل الخصم لم يتضمن «الإثبات لخلاف ما ادّعاه الخصم» بل تضمن إبطال دليل الخصم فقط «تعين كونه» أي المبطل بفتح الطاء «شبهة» توهّمها الخصم دليلا «ولا» تعيّن «ثبوت خلاف ما ادّعاه الخصم» أي ثبوت حكم يخالف ما ادّعاه الخصم إلّا بدليل يدل على ثبوته غير الدليل الذي وقع به إبطال دليل الخصم.
مثاله : الاستدلال على إمامة أبي بكر بالإجماع فيبطل الإجماع ، أو بأمر النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم له أن يؤمهم في الصلاة فيبطل ذلك بالفرق بين إمامة الصلاة والإمامة العامة فإن ذلك لا يدل على إمامة علي عليهالسلام وغير ذلك.
__________________
(١) البقرة (٢٩).
(٢) (ض) والدليل الظني.
(٣) الأنعام (١٤١).