وحاشاهم» عن القول به.
واعلم : أن بعض المعتزلة قد وسّع القول في المؤثرات وصنف فيها كتبا مستقلّة واصطلح فيها على أشياء لا تعقل ولا دليل عليها من كتاب ولا سنّة ولا عقل ، وأصل هذه التوغلات من الفلاسفة.
قال الإمام يحيى عليهالسلام في الشامل :
واعلم : أن كل مادة الشكوك والشبهات في جميع الملل والأديان الكفرية المخالفة لملّة الإسلام هي الفلسفة ، فهم منشأ كل زيغ وأهل كل ضلالة.
«وقد اصطلح» أي اصطلح أهل التّوغّل في الفكر الخارج عن حدّ العقل «على إثبات أمور لا تعقل غير ما تقدم ذكره ، وهي طبع الطبائعي» فإن الطبع الذي زعموه مؤثّرا غير معقول ، «وكسب الأشعري» أي الواحد من الأشاعرة حيث قالوا : إن الفعل من العبد مخلوق لله كسب للعبد «وطفر النّظّام» وهو كون الكائن في مكان بعد كونه في مكان آخر من دون قطع مسافة لا في الأرض ولا في الهواء ، والطّفر في اللغة الوثب في الاستواء وإلى أعلى ، والطّمر الوثب من أعلى إلى أسفل «ومزايا أبي الحسين البصري» لعل الإمام عليهالسلام إنما خصّ أبا الحسين بنسبة المزايا إليه تبعا لمن سمّاه بذلك ، لقوله : إن لله تعالى بكونه عالما ونحوه مزيّة ونفى أن يكون له بها صفة وإلّا فلا فرق بين المزايا والأحوال والأمور إلّا مجرد الاصطلاح ، لأنها كلها لا هي الله ولا غيره ولا شيء ولا لا شيء (١) ، إلّا أن أبا الحسين ومن تبعه لا يثبتون المزيّة إلّا في العالميّة والمدركية فقط على ما حكاه عنهم الإمام يحيى عليهالسلام.
قال النجري : اعلم : أن الصفة والحال والمزية في الاصطلاح بمعنى واحد ، وربما استعملت المزية وأريد بها غير الصفة كما يقول أبو الحسين ومن يقول بقوله : إن لله تعالى بكونه قادرا وعالما وحيّا ونحوها مزايا ونفى أن
__________________
(١) يعني عندهم تمت.