قلنا : فما معنى جريّهما مجرى المؤثّر وما وجه إدخالهما في جملة المؤثّرات فهلّا أدخلتم الآلة كالسّوط ونحوه من جملة ما يجري مجرى المؤثّر «وإمّا غرض» بالغين المعجمة «والمؤثر» مع الغرض «الفاعل ضرورة» أي يعرف ذلك بضرورة العقل «وذلك» هو «نوعا الدّاعي» أي الحاجي والحكمي المتقدم ذكرهما فهما غرضان يرجّحان للفاعل الفعل ولا تأثير لهما بل التأثير للفاعل «وإن سلّم» أن لهما تأثيرا «لزم أن لا يحصل الفعل من الفاعل إلّا عند وجود ذلك الغرض» وهو باطل قطعا إذ يعلم وجود الفعل من دون حصول الغرض كفعل السّاهي والنّائم وكمن يسير أو يفعل فعلا لا لغرض فإنه معلوم الوقوع بالضرورة وإنما اختلف في قبحه «و» لزم أيضا «أن لا يتمكن الفاعل من ترك الفعل عند وجوده» أي وجود الغرض والمعلوم قطعا أنه يتمكن من ترك الفعل مع وجود الغرض وإلّا لزم الجبر والإلجاء «وإن سلّم لهم عدم اللّزوم» لما ذكرنا «لزم أن يكون تأثير بين مؤثرين» وهما الغرض والفاعل وذلك «كمقدور بين قادرين وهم يحيلونه ، وإما لا دليل عليه رأسا» أي لا دليل على وجوده فضلا عن تأثيره «وذلك» هو المقتضي» الذي جعلوا تأثيره كتأثير العلّة وهو الصفة الأخص ، وكذلك الكون الذي ادّعوا تأثيره في الكائنية «مع ما مرّ» ذكره «من بطلان تأثيره» أي قد ذكرنا فيما سبق بطلان تأثير المقتضى وذلك لو فرضنا وجوده وإلّا فالحق أنه لا وجود له.
ولهذا قال عليهالسلام «وأيضا هو متلاش» أي يؤول إلى العدم «لأنه إمّا موجود ، أو معدوم ، أو لا موجود ولا معدوم ليس الثالث» أي القسم الثالث وهو لا موجود ولا معدوم «إذ لا واسطة بين الوجود والعدم ، ولا الثاني» وهو المعدوم «إذ لا تأثير للمعدوم والأول» أي القسم الأول وهو الموجود «إمّا قديم أو محدث أو لا قديم ولا محدث ليس الثالث إذ لا واسطة إلّا العدم ولا تأثير له كما سبق ولا الثاني» وهو المحدث «لأنه» أي المقتضي «مؤثر في صفات الله بزعمهم» أي البهشمية «فيلزم أن تكون صفات الله تعالى محدثة لحدوث مؤثرها وسيأتي بطلان ذلك إن شاء الله تعالى ، مع أنهم لا يقولون بذلك وحاشاهم ولا الأول» وهو كونه قديما «لأنه يلزم أن يكون قديما مع الله تعالى الله عن ذلك وسيأتي بطلانه ، مع أنهم لا يقولون بذلك