أسألك عنه : قال سلني عما بدا لك ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده ، ثم جعل ينظر بين عينيه ، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الصفة التي عنده فقبل موضع الخاتم ، وقلت قريش : إن لمحمد عند هذا الراهب لقدرا ، وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه ، فقال الراهب لأبي طالب : ما هذا الغلام منك؟ قال : هو ابني ، قال ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا ، قال : فابن أخي ، قال : فما فعل أبوه؟ قال هلك وأمه حبلى به ، قال فما فعلت أمه؟ قال : توفيت قريبا ، قال : صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فو الله لئن عرفوا منه ما اعرف ليبغنه عنتا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم نجده في كتابنا ، واعلم أني قد أديت إليك النصيحة ، فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا ، وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعرفوا صفته فارادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرا فذكروه له امره فنهاهم أشد النهي ، وقال لهم : أتجدون صفته؟ قالوا : نعم ، قال : فما لكم إليه سبيل ، فصدقوه وتركوه ، ورجع أبو طالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه.
[خبر عن هرقل أيضا]
وذكر الحاكم والبيهقي وغيرهما من حديث عبد الله بن إدريس ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة ، عن هشام بن العاص ، قال ذهبت أنا ورجل آخر من قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام ، فخرجنا حتى قدمنا غوطة دمشق ، فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغسّاني ، فدخلنا عليه فإذا هو على سرير له ، فأرسل إلينا برسول نكلمه ، فقلنا لا والله لا نكلم رسولا ، إنا بعثنا إلى الملك فإن أذن لنا كلمناه وإلا لا نكلم الرسول ، فرجع إليه الرسول فأخبره بذلك ، قال فأذن لنا ، فقال : تكلموا ، فكلمه هشام بن العاص ودعاه إلى الإسلام وإذا عليه ثياب سوداء فقال له هشام : وما هذه التي عليك؟ فقال لبستها وحلفت أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام ، قلنا ومجلسك هذا فو الله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك الملك الأعظم أخبرنا بذلك نبينا ، فقال لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار ويفطرون بالليل ، فكيف صومكم؟ فأخبرناه فملأ وجهه سوادا ، فقال قوموا ، وبعث معنا رسولا إلى الملك فخرجنا حتى إذا كنا قريبا من المدينة قال