وقاتلهم ، وبرأهم من المسيح وبرأه منهم ، وأخبر أنهم وقود النار وحصب جهنم ، فهذا احد الاسباب التي اختاروا لاجلها الكفر على الايمان وهو من أعظم الاسباب ، فقولكم : «ان المسلمين يقولون انهم لم يمنعهم من الدخول في الاسلام الا الرئاسة والمأكلة لا غير» كذب على المسلمين ، بل الرئاسة والمأكلة من جملة الأسباب المانعة لهم من الدخول في الدين ، وقد ناظرنا نحن وغيرنا جماعة منهم فلما تبين لبعضهم فساد ما هم عليه قالوا : لو دخلنا في الاسلام لكنا من أقل المسلمين لا يأبه لنا ، ونحن متحكمون في أهل ملتنا في أموالهم ومناصبهم ولنا بينهم أعظم الجاه وهل منع فرعون وقومه من اتباع موسى الا ذلك؟!
[الاسباب المانعة من قبول الحق]
[اعتراف أبي جهل بنبوة محمد]
والاسباب المانعة من قبول الحق كثيرة جدا فمنها (الجهل به) ، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس ، فان من جهل شيئا عاداه وعادى أهله فان انضاف إلى هذا السبب بغض من أمره بالحق ومعاداته له وحسده كان المانع من القبول أقوى ، فان انضاف إلى ذلك ألفه وعادته ومرباه على ما كان عليه آباؤه ومن يحبه ويعظمه قوى المانع ، فان انضاف إلى ذلك توهمه ان الحق الذي دعي إليه يحول بينه وبين جاهه وعزه وشهواته واغراضه قوى المانع من القبول جدفا ، فان انضاف إلى ذلك خوفه من أصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ازداد المانع من قبول الحق قوة ، فان هرقل عرف الحق وهم بالدخول في الإسلام فلم يطاوعه قومه وخافهم على نفسه فاختار الكفر على الإسلام بعد ما تبين له الهدى ، كما سيأتي ذكر قصته إن شاء الله تعالى.
ومن أعظم هذه الأسباب (الحسد) فانه داء كامن في النفس ، ويرى الحاسد المحسود قد فضل عليه وأوتي ما لم يؤت نظيره فلا يدعه الحسد ان ينقاد له ويكون من اتباعه. وهل منع ابليس من السجود لآدم إلا الحسد؟! فانه لما رآه قد فضل عليه ورفع فوقه غص بريه واختار الكفر على الايمان بعد إن كان بين