المتجسدة إلى أن صارت في الحقيقة لحما كما يقول الإنجيل المقدس من غير أن تنتقل عن محلها الأزلي ، وليست بمتغيرة لكنها بفعلين ومشيئتين وطبيعتين إلهي وانسي الذي بهما يكون القول الحق ، وكل واحد من الطبيعتين تعمل مع شركة صاحبتها ، مشيئتين غير متضادتين ولا متضارعتين ، ولكن مع المشيئة الإنسية في المشيئة الإلهية القادرة على كل شيء» هذه شهادتهم وأمانة المجمع السادس من المجمع الحلقدوني ، وثبتوا ما ثبته الخمس مجامع التي كانت قبلهم ولعنوا من لعنوه ، وبين المجمع الخامس إلى هذا المجمع مائة سنة ..
[المجمع العاشر]
(فصل) ثم كان لهم «مجمع عاشر» لما مات الملك وولى بعده ابنه ، واجتمع فريق المجمع السادس وزعموا أن اجتماعهم كان على الباطل ، فجمع الملك مائة وثلاثين أسقفا فثبتوا قول المجمع السادس ولعنوا من لعنهم وخالفهم ، وثبتوا قول المجامع الخمسة ، ولعنوا من لعنوا وانصرفوا. فانقرضت هذه المجامع والحشود وهم علماء النصارى وقدماؤهم وناقلو الدين إلى المتأخرين وإليهم يستند من بعدهم ، وقد اشتملت هذه المجامع العشرة المشهورة على زهاء أربعة عشر ألفا من الأساقفة والبتاركة والرهبان كلهم يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا ، فدينهم إنما قام على اللعنة بشهادة بعضهم على بعض وكل منهم لاعن ملعون.
[لو عرض دين النصرانية على قوم لم يعرفوا لهم إلها لامتنعوا من قبوله]
فإذا كانت هذه حال المتقدمين مع قرب زمنهم من أيام المسيح وبقاء أخيارهم فيهم والدولة دولتهم والكلمة لهم وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا واحتفالهم بأمر دينهم واهتمامهم به كما ترى ، ثم هم مع ذلك تائهون حائرون بين لاعن وملعون لا يثبت لهم قدم. ولا يتحصل لهم قول في معرفة معبودهم ، بل كل منهم قد اتخذ إلهه هواه ، وباح باللعن والبراءة ممن اتبع سواه. فما الظن بحثالة الماضين ، ونفاية الغابرين ، وزبالة الحائرين ، وذرية الضالين ، وقد طال عليهم الأمد ، وبعد العهد ، وصار دينهم ما يتلقونه عن الرهبان. وقوم إذا كشفت عنهم وجدتهم أشبه شيء بالأنعام ، وإن كانوا في صور الأنام ، بل هم كما قال