[المذكور في كتبهم غالبا نعته وهو أبلغ من الاسم]
(فصل) قال السائل «مشهور عندكم في الكتاب والسنة ان نبيكم كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل لكنهم محوه عنهما لسبب الرئاسة والمأكلة ، والعقل يستشكل ذلك ، أفكلهم اتفقوا على محو اسمه من الكتب المنزلة من ربهم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا؟! هذا أمر يستشكله العقل اعظم من نفيهم بألسنتهم لانه يمكن الرجوع عما قالوا بألسنتهم والرجوع عما محوا «ابعد» والجواب ان هذا السؤال مبني على فهم فاسد ، وهو ان المسلمين يعتقدون ان اسم النبي صلىاللهعليهوسلم الصريح وهو محمد بالعربية مذكور في التوراة والإنجيل وهما الكتابان المتضمنان لشريعتين وان المسلمين يعتقدون ان اليهود والنصارى في جميع اقطار الارض محوا ذلك الاسم واسقطوه جملة من الكتابين وتواصوا بذلك بعدا وقربا وشرقا وغربا ، وهذا لم يقله عالم من علماء المسلمين ، ولا أخبر الله سبحانه به في كتابه عنهم ، ولا رسوله ولا بكتهم به يوما من الدهر ، ولا قاله أحد من الصحابة ولا الائمة بعدهم ، ولا علماء التفسير ، ولا المعتنون بأخبار الامم وتواريخهم ، وان قدر أنه قاله بعض عوام المسلمين يقصد به نصر الرسول فقد قيل : يضر الصديق الجاهل أكثر مما يضر العدو العاقل. وانما أتي هؤلاء من قلة فهم القرآن ، وظنوا أن قوله تعالى (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) [الأعراف : ١٥٧]. دل على الاسم الخاص بالعربية في التوراة والإنجيل المخصوصين وان ذلك لم يوجد البتة ، فهذه ثلاث مقامات :
أما المقام الأول : فالرب سبحانه انما أخبر عن كون رسوله مكتوبا عندهم أي الاخبار عنه وصفته ومخرجه ونعته ، ولم يخبر بأن صريح اسمه العربي مذكور عندهم في التوراة والإنجيل ، وهذا واقع في الكتابين كما سنذكر ألفاظهما ان شاء الله ، وهذا أبلغ من ذكره بمجرد اسمه ، فان الاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل التعريف والتمييز ، ولا يشاء أحد يسمى بهذا الاسم أن يدعي انه هو الا فعل ، اذ الحوالة انما وقعت على مجرد الاسم ، وهذا لا يحصل به بيان ولا تعريف ولا هدى ، بخلاف ذكره بنعته وصفته وعلاماته ودعوته وصفة أمته ووقت