الحديث الصحيح الإلهي : «ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة» فالمسلمون ذنوبهم ذنوب موحد إن قوي التوحيد على محو آثارها بالكلية ، وإلا فما معهم من التوحيد يخرجهم من النار إذا عذبوا بذنوبهم. وأما المشركون والكفار فإن شركهم وكفرهم يحبط حسناتهم ، فلا يلقون ربهم بحسنة يرجون بها النجاة ، ولا يغفر لهم شيء من ذنوبهم ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨] ، وقال تعالى في حق الكفار والمشركين : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان : ٢٣] ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبى الله أن يقبل من مشرك عملا» فالذنوب تزول آثارها بالتوبة النصوح ، والتوحيد الخالص ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة لها ، وشفاعة الشافعين في الموحدين ، وآخر ذلك إذا عذب بما يبقى عليه منها أخرجه توحيده من النار ، وأما الشرك بالله والكفر بالرسول فإنه يحبط جميع الحسنات بحيث لا تبقى معه حسنة.
[من فضائح اليهود وقبائحهم المنكرة]
(الوجه الخامس) أن يقال لمورد هذا السؤال إن كان من الأمة الغيبة إخوان القردة : ألا يستحي من إيراد هذا السؤال من آباؤه وأسلافه كانوا يشاهدون في كل يوم من الآيات ما لم يره غيرهم من الأمم؟! وقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من عدوهم وما جفت أقدامه من ماء البحر حتى قالوا لموسى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ، قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف : ١٣٨] ، ولما ذهب لميقات ربه لم يمهلوه أن عبدوا بعد ذهابه العجل المصوغ ، وغلب أخوه هارون معهم ولم يقدر على الإنكار عليهم ، وكانوا مع مشاهدتهم تلك الآيات والعجائب يهمون برجم موسى وأخيه هارون في كثير من الأوقات والوحي بين أظهرهم!! ولما ندبهم إلى الجهاد قالوا : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [المائدة : ٢٤] ، وآذوا موسى أنواع الأذى حتى قالوا : إنه آدر ـ أي منتفخ الخصية ـ ولهذا يغتسل وحده ، فاغتسل يوما ووضع ثوبه على حجر ففر